للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَتْقِ، كما أنَّ السَّيِّدَ مطالَبٌ به، هكذا ذكرَه الامامُ وصاحبُ الكتاب في "الوسيط" وربَّما فهم قولُهُ في "الكتاب تعلَّق الضَّمانُ بالسَّيِّد لا برقبته" انقطاعَ الضّمَانِ عَنِ العَبْدِ مِنْ كُلِّ وجهٍ، فلْيحذرِ الغَلَط.

وقوله: "كما لَوْ أَذِنَ في الشِّراء" جواب على الأظْهَرِ في أنَّ السِّيَّدَ مُطَالَبٌ بديون معاملة عبدهِ، وفيه خِلاَفٌ مذكورٌ في مَوْضَعِه أَصْلاً وشَرْطاً، فلَكَ أنْ تُعْلِمَ لما ذَكَرْنَا قَوْله: "بالسيد" وقوله "لا برقبته" وقوله: "كما لو أذن في الشراء" جميعها بالواو. وإن لم يأْذَنِ السَّيِّدُ فِي التَّملُّك، فوَجْهان في أنَّ الضَّمَانَ يتعلَّقُ بذمَّة العبْد أو برقَبَتِهِ:

أظهرُهُما: وهو المذكورُ في الكتاب: أنَّهُ يتعلَّقُ بذمَّتِه؛ لأنَّه لا جنايةَ منْه.

والثَّاني: برقبته؛ لأنَّه دَيْنٌ، لَزِمَ لا يُرْضِي مستحقه، ولا يتعلَّق الضَّمانُ بالسَّيِّد بحالٍ؛ لعَدَمِ الإذن.

ولو أتلفه العَبْدُ بعْد المُدَّةِ، فعَلَى ما تقدَّم من الخلاف. هذا هو الكَلاَمُ في الضَّرْب الأَوَّل. وهَلْ مِنْ فرْقٍ بين أنْ يَقْصِدَ بالالتقاط نفْسِهِ أو سيِّدَهُ؟

عن صاحبِ "التقريب" أنَّ القولَيْن في المسألة مفروضان فيما إذا نوى بالتقاطَة نَفسَهُ، فأمَّا إذا نَوَى سيِّده، فيحتمل أنْ يَطَّرد القولاَنِ، ويحتمل أن يُقْطَع بالصِّحَّة.

عكس القاضي ابْنِ كجّ فقَال: القَوْلان فيما إذا التَقَطَ لِيدْفَعَهَا إلَى سَيِّدِهِ، فأَمَّا إذا قصَدَ نَفْسَه، فلَيْسَ له الالتقاطُ قولاً واحداً، بلْ هو متعدٍّ بالأخذ، وحكَاهُ عن أبي إسْحَاقَ والقَاضِي أبي حامد.

الضَّرْبُ الثَّانِي: الالتقاط المأذونُ فيه من جِهَةِ السَّيِّد مثلْ أنْ يقولَ: مهْمَا وجَدتَّ ضَالَّةَ، فخُذْها، وائتِنِي بهِا، ففيه طريقان:

أحَدُهُمَا: القَطْعُ بالصِّحَّةِ، وإليه مَثْلُ الإمامِ، كما لو أَذِنَ له في قَبُولِ الوَدِيعَةِ، صَحّ منه قَبُولُها.

والثاني: عنِ ابْنِ القَطَّان عنِ ابْنِ أبي هريرةَ طَرْدُ القولَيْن لما في اللُّقَطَةِ من معْنى الولاية، والإذْنُ لا يفيده أهليَّةَ الولاَية، وإذَا أَذِنَ له في الاكْتِسَابِ مُطْلَقاً، هَلْ يَدْخُل فيه الالتقاطُ؟ فيه وجهان واللهُ أعلمُ.

الضَّرب الثالث: التقاطٌ منهيٌ عنه من جهة السَّيِّد، فعن الإصْطَخْرِيَّ: القَطْعُ بالمَنْعِ، وعن غيرِه طَرْدُ القولَيْنِ (١).


(١) قال النووي: طريقة الاصطخري أقوى، ولكن سائر الأصحاب على طرد القولين قاله صاحب "المستظهري".

<<  <  ج: ص:  >  >>