للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا قُتِلَ، ولا مَهْرَ على المَوْقُوف علَيْه بحالٍ؛ لأنَّه لو وجَب، لوجَبَ له.

الثالثة: أنْ يطأها الواقِفُ، فإنْ لم يكن الوطء بشبهة، تفرع على الخلافِ في المِلْك، إن لم نجعل المِلْكَ له، فعليه الحدُّ والولدُ رقيقٌ، وفي كونه ملكاً أو وقْفاً الوجهان، ولا تكون الجاريةُ أمَّ ولدِ لَهُ، وإن جعَلْنا المِلْكَ له، فلا حدَّ.

وفي نفوذ الاستيلادِ، إن استولَدَها الخلافُ في استيلاد الراهن؛ لتعلُّق حقِّ الموقوف علَيْه بها، وهذا أولَى بالمنع، وإن وطئَ بشبهة، فلا حدَّ، والولدُ حرٌّ نسيبٌ، وعلَيْهِ قيمتُهُ، وفيما يفعل بها الوجهان، وتصير أُمَّ ولدٍ له، إن ملَّكْناه، يعْتَقُ بموته، وتُؤْخَذُ قيمتها مِنْ تركته، وفيما يفعلُ بها الخلافُ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَالظَّاهِرُ (و) أَنَّهُ يُمْكِنُ تَزْوِيجُهَا ثُمَّ يَتَوَلَّى التَّزْوِيجَ مَنْ نَقُولُ: إِنَّ المِلْكَ فِيهَا لَه، فَإِنْ قلْنَا: لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَلاَ يَسْتَشِيرُ أَحَداً، وَإِنْ قُلْنَا: لِلَّهِ فَالسُّلْطَانُ يَسْتَشِيرُ المَوْقُوفَ عَلَيْهِ (و).

قَالَ الرَّافِعِيُّ: في تزْويجِ الجارِيةِ المَوْقُوفَةِ وجهان:

أحَدُهُمَا: المَنْعُ؛ لما فيه من نُقْصانِ قيمَتِها ومَنْفَعَتها, ولأَنَّها، إذا حَبَلَتْ، ضعُفَتْ عن العَمَل، وربَّما ماتَتْ في الطَّلْق، فيتضرَّر به أربابُ الوقْف.

وأظهرُهمَا: الجَوَازُ تحصيناً لها، وأيْضاً، فإنَّ النِّكَاحَ عَقُدٌ على المَنْفعة، فلا يمنع بالوقف؛ كلإجارة، وعلَى هذا فإنْ جعلْنا المِلْكَ للموقُوف علَيْه، فهو الذي يلي تزْوِيجَها, ولا يحتاجُ إلى استشارةِ أَحَدٍ.

وإن قلْنا: لله تعالَى فيزوجها له السلطانُ، ويستشير الموقُوفَ علَيْه؛ لأنَّ الحقَّ في منافِعِها لَهُ وكذا إن قلْنا: إنَّهُ للواقِفِ تزوجها بإذن الموقُوفِ عَليْه، وهذا جواب المعْظَمِ، وحكى صَاحِبُ الكتاب في "الوسيط" وغيره وجهَيْن في أنَّ السُّلطانَ، هل يستشير الموقوفَ علَيْه؟ أنَّهُ، هَلْ يستشيرُ الوَاقِف أيضاً؟ ويلْزَمُ مثْلُهُ في استشارةِ الوَاقِفِ، إذا زوَّج الموقوف علَيْه، والمهْر للموقوف علَيْه بكل حال، وولَدها من الزَّوْج للموقُوفِ علَيْه مِلْكاً، أو وَقفاً على الخلاف الَّذي سبق (١).

فَرْع:

ليْسَ للموقُوف عليه أنْ يتزوَّجَ بها، إنْ قلنا: إنَّها مِلْكُهُ، وإلاَّ، فقد قيل بجَوَازِهِ.

والظَّاهر: المَنْعُ؛ احتياطاً، وعلَى هذا، فلو وقفَتْ عليه زوجته، انْفَسَخَ النكاح.


(١) قال النووي: ولو طبت الموقوفة التزويج، فلهم الامتناع.

<<  <  ج: ص:  >  >>