للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الجِرَاحِ

قَالَ الْغَزَالِيُّ: القَتْلُ كَبِيرَةٌ تَتَعَلَّقُ بِهَا الكَفَّارَة وَالقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ، وَالنَّظَرُ في القِصَاصِ فِي النَّفْسِ وَالطَّرَفِ، وَمِنَ النَّفْسِ فِي المُوجِبِ وَالوَاجِبِ، وَالمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ لَهُ ثَلاثةُ أَرْكَانٍ: الرُّكْنُ الأَوَّلُ: القَتْلُ وَهُوَ كُلُّ فِعْلٍ عَمْدٍ مَحْضٍ عُدْوَانٍ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُزْهِقَاً لِلرُّوحِ.

قَالَ الرَّافِعِيَّ: هذا الكتاب يُتَرْجَم تارةً بكتاب "الجِرَاح" وأخرى بكتاب "الجِنَايَاتِ" والغَرَضُ لفظ يَشْمَل القتل والقَطْع والجرُوحَ الَّتي تُزْهِقُ، وَلَاَ تُبِينُ، فإِنَّ للقصاص والدية مدخلاً فيها جميعاً ولا شبهة في شمول لفْظ الجنايات لجميعها، وأما الجِرَاحُ، فهي جمْعُ جِرَاحَةٍ بالكسر، فتتناول الجراحة المزهقة، والمبينة والتي لا تُزْهِقُ ولا تُبِينُ، والقتل، وإنْ كان لا ينحصر طريقه في الجراحة، لكنها أغلب طُرُقِهِ، فحسنت الترْجَمَة بذلك، ويقال جَرَحَهُ جَرْحاً، والجُرْح بالضم الاسم، والجمع جروح، وقَتْلُ النفسِ من غير جريحة محرَّمٌ، بل هو من أعظم الكبائر (١). قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} [الأنعام: ١٥١] وسُئل رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أَيُّ الذَّنْب أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ -عزَّ وجلّ- فَقَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لله نِدّاً، وَهُوَ خَلَقَكَ قِيلَ: ثُمَّ أيُّ؟ قَالَ: أَنْ


(١) قال النووي: قال البغوي: هو أكبر الكبائر بعد الكفر، وكذا نص عليه الشافعي في كتاب الشهادات في "المختصر" وتقبل التوبة منه. ولو قتل مسلم، ثم مات قبل التوبة، لا يتحتم دخوله النار، بل هو في خطر المشيئة كسائر أصحاب الكبائر، فإن دخلها، لم يخلد فيها خلافاً للمعتزلة والخوارج. والله أعلم.
قال في الخادم: تعبيره بقوله قتل النفس بغير حق جاء مصرحاً به في الحديث الصحيح وهو صريح في شمول الذمي والمعاهد لكن جاء في رواية أخرى. قتل النفس المسلم فيحتمل أن يحمل ذلك على التخصيص وعلى هذا ليس من أكبر الكبائر إلا قتل المسلم بغير حق، وإن كان قتل الذمي والمعاهد حراما، ويحتمل أن يكون من باب إفراد بعض العام بالذكر وهو لا يدل على التخصيص. هذا هو الظاهر إلى آخر ما ذكره واحتماله الأول هو الذي ذكره الأذرعي تفقهاً وهو الظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>