للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باطلاً؛ لأني [لا] (١) أرى الشُّفْعة بالجوار؛ لا يُسْتَرَدَّ منه.

ومنها: إذا مات عن جارية استولَدَها بالنكاح، فقال وارثه: لا أتملَّكها، فإنها صارتْ أمَّ وَلَدٍ له، وعَتَقَت بالموت، فيقال: هي مملوكتك، فلا تصير أمَّ ولد باستيلادها بالنكاح.

واعلَمْ أن جميع ما ذَكَرْنا فيما يتعلَّق بالحُكْم الظاهر، فأما الحل (٢) الباطن، إذا حكم الحاكم في مواضع الخلافِ لشَخْصٍ على خلاف ما يعتقدُه، كحكم الحنفيِّ للشافعيِّ بشفعة الجوار، ففي ثبوته خلافٌ وكلام (٣) الأئمة هاهنا يميل إلى ثبوته، وأجاب صاحبُ الكتاب في "أدب القاضي" بالمَنْع وسنذكره إن شاء الله تعالى.

ولو قال: أردتُّ بقولي: حرام؛ أنه مغصوب، فإنْ عيَّن المغصوب منه، وجب عليه تسليمُه إليه، ولا رجوعَ له على المأخوذ منه؛ لأن قوله لا يقبل عليه، وإن لم يعين أحدًا، فهو مالٌ ضائعٌ؛ وفي مثله خلافٌ مشهورٌ، والجوابُ في "الشامل": أنه لا يلزمه رفع اليد عنه؛ ولو قال بعْد ما أَقْسَمَ نَدِمْتُ على الأيمان، لم يلزمه بهذا شيْءٌ.

" فَرْعٌ"

ادَّعَى القتل عَلَى رجُل، وأقسم، وأخَذَ المال، ثم جاء آخر، وقال: إنَّ المحلوف عليه لم يَقْتُل مُوَرِّثك، وإنما أنا قتلتُه، فإن لم يصدِّقه الوارث، لم يؤثِّر إقراره فيما (٤) جرى، وإن صدَّقه، فعليه ردُّ ما أخذ، وهل له الدعْوَى على الثاني ومطالبته؟ فيه قولان:

أحدهما: لا؛ لأن الدعوَى على الأول اعترافٌ ببراءة غيره.

والثاني: نعم؛ لأنه ربما بَنَى الدعوى الأولَى على ظنٍّ حَصَل له، وإقرارُ الثاني يفيدُ اليقين أو ظنًا أقْوَى من الظنِّ الأول، فجاز أن يَعْدِل إليه من الأول، وهذا كالخلاف المذكور فيما إذا ادعى الانفرادَ عَلَى واحد ثم الشركةَ عَلَى آخَرَ، وصدَّقه الثاني، والله أعلم.

قال الغَزَالِيُّ: النَّظَرُ الثَّانِي فِي القَسَامَةِ وَفيهَا أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ الرُّكْنُ الأَوَّلُ فِي مَظَنَّتِها وَهِيَ قَتْلُ الحُرِّ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ فَلاَ قَسَامَةَ فِي المَالِ والأَطْرَافِ، وَفِي العَبْدِ قَوْلاَنِ، واللَّوْثُ قَرِينَةُ حَالٍ تُغَلَّبُ الظَّنِّ كَقَتِيلٍ فِي مَحَلَّةٍ بَيْنَهُم عَدَاوَةٌ أَو قَتِيلِ دَخَلَ صَفًّا وتَفَرَّقَ عَنْهُ جَمَاعَةً مَحْصُورُونَ، أَو قَتِيلٍ فِي صَفِّ الخَصْمِ المُقَابِلِ، أَوْ قَتِيلٍ في الصَّحْرَاءِ وَعَلَى


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: الحكم.
(٣) في ز: فكلام.
(٤) في ز: فما.

<<  <  ج: ص:  >  >>