للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَأْسِهِ رَجُلٌ مَعَهُ سِكِّينٌ، وَقَوْلُ المَجْرُوحِ: قَتَلَني فُلانٌ لَيْسَ بِلَوْثٍ، وَقَوْلُ وَاحِدٍ مِمَّن تُقبَلُ شَهَادَتُهُ لَوْثٌ، وَقَوْلُ جَمْعٍ مِمَّن تُقبَلُ رِوَايَتُهُم لَوْثٌ، والقِيَاسُ أَنَّ قَوْلَ وَاحِدٍ لَوْثٌ، وَأَمَّا عَدَدٌ مِنَ الصِّبْيَةِ والفَسَقَةِ فِيهِمُ خِلاَفٌ.

قَالَ الرَّافِعِيّ: قال الأئمة: القَسَامَةُ في اللُّغة: اسمٌ للأولياء الَّذين يَحْلِفُون على دعوى الدم، وفي لسان الفقهاء هي اسم للأَيْمَان.

وقال صاحب الصِّحَاح: القَسَامَةُ هي الأَيْمَانُ تُقَسَّم على الأولياء في الدَّم، وعلى التقديرَيْنِ، فهي (١) اسم أُقِيمَ (٢) مُقَام المصْدَر، يقال: أَقْسَمَ إقْسَامًا وقَسَامَةً، كما يقال: أكْرَمَ إِكْرَامًا وكَرَامَةً. قال الإِمام: ولا اختصاص لها بأيمان الدِّماء، إلا أن الفقهاء استعملُوها فيها، وأصحابُنا استعملُوها في (٣) الأيمان الَّتي تقع البدايةُ فيها بالمُدَّعِي.

وصورتُها: أن يوجد قتيلٌ في موضعٍ لا يُعْرَف مَنْ قَتَلَه، ولا يقُوم عليْه بيِّنةٌ، ويدَّعِي الوليُّ قتْلَه على واحدٍ أو جماعة، ويقترن بالواقعةِ ما يُشْعر بصدْق الوليِّ في دعواه، ويقال له اللَّوْث، فيحلف على ما يَدَّعيه، ويُحْكَمُ بما سنذكره، وساعدنا على ذلك مالك وأحمد.

وعنْد أبي حنيفة: لا اعتبار باللَّوْث، ولا يبدأ بيمين المُدَّعِي، وإذا وجد قتيلٌ في محِلَّة أو قرية، وادَّعَى وليه قتْلَه على رَجُلٍ أو جماعةٍ بأعيانهم، فيختار الإِمام، ويقال ويختار الوليُّ خمسين رجلاً من صلحاءِ تلْك البقعة، فيَحْلِفون خمسين يمينًا أنَّهم ما قتَلُوه، ولا عَرَفُوا قاتِلَه، فإن نقَصُوا عن الخمسين، كرر الأيمان حتى يتم خمسين، وإذا حَلَفُوا وجَبَتِ الديةُ عَلَى عاقلة مِنْ بَنِي تلْك الخُطَّة، فإن لم يعرف الثاني، أو لم توجَدْ عاقلته، أخذتِ الدية من سكان ذلك المَوْضِع، وفيهم الحالِفُون في ثلاثِ سِنِينَ، وإن لم يحْلِفوا، حُبِسُوا حتَّى يحلفوا أو يُقِرُّوا.

قال: وإن وجد القتيلُ في مسْجِدٍ أو شارعِ سُوقٍ، فتؤخَذُ الديةُ من بيت المال.

وإن وُجِدَ في دارٍ، أخذتِ الديةُ من عاقلة رَبِّ الدار، وربما قالوا: من عاقلة مَنْ في الدار. وإن وُجِدَ في دارِ نفْسِهِ، فالديةُ على عاقلته، وإن وجد بين (٤) قريتَيْنِ، فالقسامةُ على أقربهما منْه.

وإن وُجِدَ في مفازة بعيدةٍ عن العمران، فهو هدَرٌ، هذا هو معْنَى القسامةِ عنْده، وفيه إثباتُ الدعوَى من غير تعيينْ المدَّعَى عليهم، والحبس لليمين والتَّغْريم مع أنه لم


(١) في ز: ففي.
(٢) في ز: أقسم.
(٣) في ز: مع.
(٤) في ز: بني.

<<  <  ج: ص:  >  >>