الأول، أو بما قَبْلَه، فإن استخدم السَّيِّدُ العَبْدَ المدَّعِيَ للعتْقِ بين شهادَةِ الأول والثاني عَلَى قولنا، لا يُحَالُ بينهما، وشهد الثاني هكذا، فعليه أجْرَةُ المثل والله أَعْلَمُ.
والثاني: القولُ في حكم تحملها أولاً، وأدائِها آخراً، إلاَّ أنَّه لم يتعرَّض للثاني في ترْجَمَة الباب، والشهادةُ تحْتَاجُ في مستَنَدِها تارةً إلى الإِبْصَار، وتارةً لا تحتاج إلَيْه، بل يكفي لها السماعُ، فرتَّب الباب على ثلاثة فصول:
أحدُها: فيما يحتاج إلى الإِبْصَار.
والثاني: فيما يَكْفِي فيه التَّسَامُع.
والثالث: في التحمُّل والأداء، إلاَّ أنه ترك التَّفْصِيل ولم يصرح بالفصل الأول ثم اندفع الفصل الثاني والثالث ولا بأْس لو ألحق بأول الباب، وفيه فصول:
الأولُ: فيما يحتاج إلى الإِبْصَار، والأصلُ في الشهادة البناءُ على العلْم واليقين، قال الله تعالَى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإِسراء: ٣٦] وقال تعالَى: {إِلاَّ من شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[الزخرف: ٨٦] ونقَلْنا في أول الشهاداتِ أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"عَلَى مِثْلِ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ أَوْ فَدَعْ" ولهذه اللفظة، قال في الكتاب "اليقينُ الواضحُ كالشَّمْس" إلا أَن من الحقوق ما لا يحْصُل اليقين فيه، ولا يستغنَى، عن إقامة البينة علَيه، فأقيم الظنُّ المؤكَّدُ فيه مقام اليقين وجُوِّزت الشهادة بناءً على ذلك الظنِّ كما سيأتي، وقد قسم الشَّافعي والأصحابُ -رحمهم الله- المشْهُود به عَلَى ثلاثة أقسام:
أحدها: ما يكفي فيه السماع، ولا يحتاج إلى الإِبْصَار، وموضع بيانه الفصْلُ الثاني من الباب.