للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحهُمَا: التحريم؛ لأنَّهُ أُبِينَ من حَيٍّ، فَأشْبَهَ ما إذا قَطَعَ أَلْيَةَ شَاةٍ، ثم ذَبَحَهَا لا تَحلُّ الألْيَةُ، واحتجَّ الإمَامُ لفساد الوجه الأول: أنا لو حَكمنَا بحلِّ العُضْوِ، فإما أنْ نَقُولَ: يحلُّ عند موت الصَّيْدِ، وكان حَرَاماً من قبل، وبعيدٌ أن [يغير الموت] (١) حَالَ العُضْوِ وإمَّا أنْ نقولَ: يحلُّ عند موت الصيد استناد الحلِّ إلى حَالَةِ الإبَانَةِ، وإحلال العُضْوِ المُبَانِ من الحَيَوَانِ الذي فيه حَيَاةٌ مستقرةٌ بَعِيدٌ أَيْضاً، وإن جَرَحَهُ جَرَاحَةً أُخُرَى، والحَالَةُ هذه، فإنْ كانَت مُذَفَّفَةً، فَالصَّيْدُ حَلاَلٌ، والعُضْوُ حَرَامٌ، وإنْ لم تكن مُذَفَّفَةَ، ومَاتَ منها، فالصَّيْدُ حَلاَلٌ أيضاً، وفي العُضْوِ وَجْهَان مُرَتَّبَانِ على الوَجْهَيْنِ فيما إذَا مات من الجِرَاحَةِ، وهذه الصُّورَةُ أوْلَى بِالتَّحْرِيمِ؛ [لأن الإِبَانَةَ لم تتجرد ذكاة للصيد] (٢).

وعند أبي حَنِيْفَةَ: لا يَحِلُّ العُضْوُ المُبَانُ بحال.

وقولُهُ في الكتاب: "ولو قَدَّ صَيْداً بنصفين" إن حُمِلَ النصفان على القِسْمَيْنِ والقطعتين، وهو الذي يُرَادُ في مِثْلِ هذا المَوْضِعِ غالباً، فيجوز أن يُعَلَّمَ قَوْلهُ: "فالنِّصْفَانِ حلال" بالحاء (٣) والألف؛ لما مَرَّ، وإن حمل على حقيقة النصف، فلا إعلام.

وقولُهُ: "وإن ماتَ بذلك الجُرْحِ فوجهان" يعني في ذلك العُضوِ وباقي الصيد حَلاَلٌ إن لم يجعل مَقْدُوراً عليه، بالجرَح الأول، وإن صَارَ، فلا حِلَّ إِلاَّ بالذبحِ.

قال الغَزَالِيُّ: (الرُّكْنُ الثَّالِثُ): الآلَةُ وَهِيَ ثَلاثَةُ أقْسَامٍ: (الأَوَّلُ) جَوَارحُ الأَسْلِحَةِ* وَيَجُوزُ رَمْيُ الصَّيْدِ وَالذَّبْحُ بِجَمِيعِهِمَا إلاَّ السِّنُّ وَالظُّفُرُ فَيَحْرُمُ الذَّبْحُ بِهِ مُتَّصلاً كَانَ أَوْ مُنْفَصِلاً (ح).

قال الرَّافِعِيُّ: الرُّكْنُ معقود للكلام في الآتِ الذَّبْحِ والاصطيادِ، وبيانِ ما يعتبر فيه لِلْحِلِّ، والآلاَتُ ثَلاثةُ أَقْسَامٍ؛ لأنَّها إِمَّا جَمَادٌ، أو حَيَوَانٌ يُصْطَادُ به، والأَوَّلُ إما محدد يجرح، ويُزْهِقُ، أو غيرُهُ.

الأول المُحَدَّدَاتِ التي تجرح بحدَّتهَا من الحديد (٤) كالسَّيْفِ، والسَّهْمِ، والرُّمْحِ على العادة الغالبة، أو من الرَّصَاصِ، أو النُّحَاسِ، أو الذَّهَب، أو الخَشَب المحدَّد الطَّرَفِ، أو القَصَبِ، أو الزُّجَاجِ، أو الحَجَرِ، فيجوز فَيْءُ الصَيد والذبح بجميعها إلاَّ السِّن والظُّفْر، وسائر العِظَامِ، وقد يقال: إلاَّ العظم ويجعل السِّنُّ والظُّفْرُ داخلين فيه.

واحتج لِحلَّ الذبح (٥) بغيرِ الحَدِيدِ بما رُوِيَ عن عَدِيِّ بْنِ حَاتِمِ قال: قُلْتُ: يا


(١) في ر: بتغير المال.
(٢) ي ز: لأنه لم ينحر حكاه الصيدلاني.
(٣) في ز: حرام بالواو.
(٤) في ز: إما بالحديد.
(٥) في ز: الذبيحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>