للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَاتَ، فهو حَلاَلٌ؛ لأنَّهُ لا يجد بُدّاً منه، بخلافِ ما إذا اشْتَغَلَ بتحديد السِّكِّينِ، فمات؛ فإنه يَجِدُ بُدّاً منه [بتقديم التَّحْدِيدِ؛ وبخلاف ما إذا كان يُمِرُّ ظَاهِرَ السِّكِّينِ على حَلْقِهِ غَلَطاً فمات؛ لأنه خرق، وأنه] (١) لو وقع الصَّيَّدُ مُنَكَّساً، واحْتَاجَ إلى قَلْبِهِ ليقدر على ذبحه أو اشْتَغَل بِتَوْجِيهِهِ إلى القِبْلَةِ، فماتَ، فهو حَلاَلٌ، وأَنَّهُ لو شَكَّ بعد مَوْتِ الصَّيْدِ، بأنَّه هل يتمكن من ذَكَاتِهِ، فيحرم، أو لم يتمكَّن فيحلّ، ففيه قولانِ.

أصحُّهُمَا: أنَّهُ يَحِلُّ، وهل يُشْتَرَطُ العَدْوُ إلى الصَّيْدِ إذا أَصَابَهُ السَّهْمُ أو الكَلْبُ؟ فيه وجهان:

أحدهُما: وهو المذكورُ في الكتاب نعم؛ لأنَّهُ المُعْتَادُ في هذه الحالةِ وعلى هذا، فلا يُكلَّفُ المُبَالَغَةَ فيه، بحيث يُقْضِي إلىَ ضَرَرٍ ظاهرٍ.

وأظهرهما: لا، بل يكتفي بالمَشْيِ، كما يكتفي به في السَّعْيِ إلى الجُمُعَةِ، وإن عرفَ التحريم بالصَّلاَةِ بِأمَارَاتِهِ، ويُحْكى هذا عن ابن أبي هُرَيْرَةَ وعلى هذا فَقَدَ قال الإِمَامُ: الوَجْهُ عِنْدِي أنَّهُ لاَ بُدَّ من الإِسْرَاعِ فيه قليلاً؛ لأنَّ المَاشِي على هَيْئَتِهِ خارج عن عَادَةِ الطَّالِبِ، والذي أورده الصَّيْدَلاَنِيُّ وصاحب "التهذيب" وغيرهُما: أنَّهُ لو كانَ يمشي على هَيْئَتِهِ، وأدركه مَيْتاً حَلَّ؛ وإن كان لو أَسْرَعَ لأَدْرَكَهُ حَيّاً وإذا قُلْنَا: يُشْتَرَطُ العَدْوُ، فلو تَرَكَهُ، ثم صَادَفَ الصَّيْدَ مَيْتاً بعد ذلك، ولم ندر أَمَاتَتْ في الزمانِ الذي يَسَعُ العَدْو أو بعده، فينبغي أن يكون على القَوْلَيْنِ فيما إذا شَكَّ في التمكُّنِ من الذَّكَاةِ.

الثانية؛ لو رَمَى إلى صَيْدٍ، فَقَدَّهُ بنصفين، فهما حلال.

وكذا لو قَطَعَهُ قِطْعَتَيْنِ مُتَفَاوِتَتَيْنِ.

وقال أبُو حنيفةَ: إنْ كانَ الرَّأْسُ في القِطْعَةِ التي هِيَ أَصْغَرُ حَلَّ الكُلُّ، وإن كانَ في القِطْعَةِ الأُخْرَى حَلَّتْ هي دُونَ الصُّغْرَى، وبه قال أحمدُ في روايةٍ.

واحتجَّ الأَصْحَابُ بالقِيَاسِ على ما سلمه ولو أَبَانَ من الصيدِ بِسَيْفٍ أو غيره عُضْواً كَيَدٍ ورِجْلٍ، نُظِرَ إنْ أبَانَهُ بِجِرَاحَةٍ مُذَفَّفَةٍ، ومَاتَ في الحال حَلَّ العُضْوُ، وباقي البَدَنِ، وإنْ لم تَكنِ الجِرَاحَة مُذَفَّفَةً، فَأَدرَكَهُ وذَبَحَهُ، أو جَرَحَهُ جُرْحاً آخَرَ مُذَففاً، فالعُضوُ حَرَامْ؛ لأنهُ أُبِينَ من حَى، وباقي البَدَنِ حَلاَلْ فإن أثبته بالجِرَاحِ الأولى، فقد صَارَ مَقْدُوراً عليه، فَيَتَعَيَّنُ الذَّبْحُ، ولا يجزي سَائرِ الجِرَاحَاتِ، وإنْ مَاتَ من تلك الجِرَاحَةِ بعد مُضِيِّ زمانٍ، ولم يتمكَّن من الذَّبْحِ، حَلَّ باقي البَدَنِ، وفي العُضْوِ وجهان:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَحلُّ أَيْضاً؛ لأنَّ الجرْح السَّابِقَ كالذَّبْحِ للجملة، فَيَتْبَعُهَا العُضْوُ.


(١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>