قال الإمام: هذا إذا كان عالماً بأنها لا تثمر فيها، وإن كان جاهلاً قطعنا باستحقاق الأجرة، وإِن قدرت بمدة يثمر فيها غالباً صح، ولا بأس بخلو أكثر سِنِيِّ المدة عن الثمرة، مثل أن يساقيه عشر سنين، والثمرة لا تتوقع إلاَّ في العاشرة، وتكون هي بمثابة الأشهر من السَّنَة الواحدة، ثم إن اتفق أنها لم تثمر لم يستحق العامل شيئاً، كما لو قارضه فلم يربح أو ساقاه على النخيل المثمرة، فلم تثمر، فإن قدره بمدة يحتمل أن تثمر فيها، ويحتمل ألا تثمر فوجهان:
أصحهما: المنع، وبه أبو إسحاق؟ لأنه عقد على عوض غير موجود، ولا غالب الوجود فأشبه السلم في معدوم إلى وقت يحتمل أن يوجد فيه، ويحتمل خلافه.
والثاني: يصح، ويكتفي بالاحتمال، ورجاء الوجود، فعلى هذا إن أثمرت استحق وإلاَّ فلا شيء له وعلى الأول يستحق أجرة المثل؛ لأنه عمل طامعاً هذه الطريقة التي ذكرها عامة الأصحاب، وجعلوا توقع حصول الثمرة على ثلاث مراتب، كما فصلنا، ونسب الإمام هذه الطريقة إلى القاضي، وحكى طريقتين أخريين.
إحداهما: أنه إن غلب عدمها في تلك المدة بطل، وإلاَّ فوجهان.
الثانية: أنه إن غلب وجودها صح وإلاَّ فوجهان، فيجوز أن يعلم للأولى قوله "فإن غلب الوجود صح" -بالواو- وللثانية قوله:"فإن غلب العدم فلا".
واعلم أن صور الفصل مبنيّة على تجويز المُسَاقاة أكثر من سنة، وهو الصحيح، وستعرف ما فيه من الخلاف.
[فرع]
دفع إليه وَديّاٌ ليغرسه في أرض نفسه على أن يكون الغراس للدافع والثمار بينهما، فهو فاسد [وللعامل عليه أجرة مثل عمله وأرضه.
ولو دفع إليه أرضه ليغرسها بوديّ نفسه على أن يكون الثمرة بينهما فهو فاسد (١)]. أيضاً ولصاحب الأرض أجرتها على العامل.