للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرافعي: إذا كان في الحديقة نوعان من الثمر فصاعداً كالصّيْحَاني والعَجْوة والدَّقل، فساقى مالكها رجلاً على أن له من الصّيْحَاني النصف، ومن العجوة السدس أو الثلث، نظر إن علما قدر كل نوع جاز، كما لو ساقاه على حديقتين على أن له النصف من هذه، والثلث من هذه، وإن جهلا أو أحدهما قدر كل نوع لم يجز لما فيه الغَرَر، فإن المشروط فيه أقل الجزءين قد يكون أكثر النصيين، ومعرفة كل نوع من الأشجار إنما يكون بالظن والتخمين، دون التحقيق، وإن ساقاه على أن له النصف، أو الثلث من الكل صحت المساقاة، كان جهلا أو أحدهما قدر كل نوع، قال ابْنُ الصَّبَّاغِ: والفرق أن قدر حقه من ثمرة الحديقة هاهنا معلوم بالجزئية، وإِنما المجهول النوع والصفة، وهنالك القدر مجهول أيضاً لاحتمال والفرق اختلاف ثمرة النوعين في القدر، وحينئذ يكون قدر ماله من ثمرة الكل مجهولاً؛ لأن المستحق على أحد التقديرين نصف الأكثر، وثلث الأقل، وعلى الثاني ثلث الأكثر، ونصف الأقل، والأول أكثر من الثاني، ومعلوم أن الجهل بالقدر أشد، ولو ساقاه على إحدى الحديقتين من غير تعيين، أو على أنه إن سقى بماء السماء، فله الثلث، أو بالدَّالِية، فله النصف لم يصح للجهل بالعمل والعوض، وهو كما لو قارضه على أنه إن تصرف وربح كذا، فله النصف، أو كذا فله الثلث، ولو ساقاه على حديقة بالنصف على أن يساقيه على أخرى بالثلث، أو سنة أخرى، أو على أن يساقية العامل على حديقته فهو فاسد، وهل تصح المساقاة؟.

الثانية: قال في "التهذيب" إن عقدها على شرط العقد الأول لم تصح، وإلاَّ فتصح، وقد مر نظيره في الرَّهْن (١).

قال الغزالي: وَلَوْ سَاقَى شَرِيكَهُ في الحَدِيقَةِ وَشَرَطَ لَهُ زِيَادَةَ صَحَّ إِنِ اسْتَبَدَّ بِالعَمَلِ، وَإِنْ شَارَكَ الآخَرَ بِالعَمَلِ فَلاَ.

قال الرافعي: حديقة بين اثنين على السواء ساقى أحدهما الآخر، وشرط له زيادة على ما كان يستحقه بالمِلْك، كما إذا شرط ثلثي الثمرة، فالعقد صحيح، وقد دفع إليه نصيبه بثلث ثمرته، وإن شرط له نصف الثمار أو ثلثها لم يصح؛ لأنه يثبت له عوضاً بالمساقاة؛ إِذ النصف مستحق له بالملك، بل يشترط عليه في الصورة الثانية أن يترك بعض ثمرته أيضاً، وإذا عمل في الصورتين، ففي استحقاقه الأجرة اختلاف المزني، وابن سريج، ولو شرط له جميع الثمرة فسد العقد، وهل له الأجرة؟ فيه وجهان؛ لأنه لم يعمل؛ إلاَّ أنه انصرف إليه (٢).


(١) لأنه عمل طامعاً وقيده الغزالي كإمامة تفقهاً بما إذا لم يعلم الفساد وعدم التقيد أوجه.
(٢) قال النووي في الروضة (٤/ ٢٣٠) أصحهما له الأجرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>