للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الدِّيَاتِ (١)

قال الغَزَالِيُّ: وَالنَّظَرُ في أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ، الأَوَّلُ فِي الوَاجِبِ، وَفِيهِ بَابَانِ

البَابُ الأَوَّلُ فِي النَّفْسِ

وَدِيَةُ النَّفْسِ الكَامِلَةُ عِنْدَ الخَطأَ مَائَةٌ مِنَ الإبلِ مُخَمَّسَةَ، عِشْرُونَ بنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ ابْنُ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، ثُمَ تَعْتَرِيهِ أَرْبَعُ مُغَلَّظَاتٍ، وَهِيَ الوُقوعُ فِي حَرَم مَكَّةَ أمَّا حَرَمُ المَدِينَةِ فَفِيهِ خِلاَفٌ، أَوِ الوُقوُعُ فِي الأَشْهُرِ الحُرُم وَهِيَ ذُو القَعْدَةِ وَذُو الحِجَّةِ وَالمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ، وَمُصَادَفَتُهُ ذَا رِحَم مُحْرمٍ، أَوْ كَوْنُهُ عَمْداً أَو شِبْهَ عَمْدٍ، وَلَوْ رَمَى مِنَ الحَرَمِ إِلَى الحِلِّ أَوْ مِنَ الحِلِّ إلى الحَرَمِ تُغَلَّظُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الدية بَدَلٌ نفس الحر أو أطرافه، والجمع: دِيَات، ويقال: وَدَيْتُ القَتِيلَ، أَدِيهِ دية [إذا أَدَّيْتَ] (٢) ديته، فالدية اسْمٌ للمال، ومَصْدَرٌ.

والإجماع منعقدٌ على تعلّق الدِّيَة بالقَتْلِ؛ قال الله تعالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً


(١) مفردها دية: وهي المال الواجب بجناية على الحر في نفس أو فيما دونها وأصلها ودية بوزن فعله والهاء بدل من فاء الكلمة التي هي واو إذ أصلها ودية مثشقة من الودي وهو دفع الدية كالعدة من الوعد، تقول أوديت القتيل أدية ودياً ودية: أي أديت ديته.
والأصل فيها كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-. فأما الكتاب فقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} فدلت هذه الآية على إيجاب الدية في موضعين، وعلى إيجاب الكفَّارة في ثلاثة مواضع.
ومن السنة ما رواه الشَّافعي رحمه الله عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أنَّه قال: كان في الكتاب الذي كتبه النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم إلى أهل اليمن. وفي النفس مائة من الإبل.
فقد دل الكتاب والسنة على ذلك، والقتل على ثلاثة أضرب: عمد محض وخطأ محض وشبه عمد.
قال البندنيجي: وربما قيل عمد الخطأ وكلاهما واحد.
(٢) في أ: أديته.

<<  <  ج: ص:  >  >>