المضمون له الشرط بني ذلك على تَبْعِيض الإِقْرَار.
إن قلنا: لا يتبعض، فالقول قول الضَّامِن مع يمينه وإن قلنا: يتبعض فَالقَوْلُ قول المَضْمُونِ له.
ولو ادعى الكفيل أن المكفول به بَرِئ من الحَقِّ وارتفعت الكفالة، وأنكره المكفول له فالقول قول المكفول له مع يمينه، فإن نكل وحلف الكفيل بَرِئ، وإن لم يبرأ بيمينه المكفول به.
ولو قال: تكفلت ببدن زَيْدٍ فإن جئتك به وإلا فأنا كَفِيل ببدن عمرو، لم يجز، أما كفالة زَيْدٍ فلأنه لم يلتزمها، وكأنه قال: كفلت ببدن هذا أو ذاك، وأما كفالة عمرو، فبناء على أنها مُعَلَّقة.
ولو قال قائل للمكفول له: أبرئ الكفيل وأنا كفيل بمن تكفل به فعن ابْنِ سُرَيْجٍ أنه يصح, لأنه نقل الضَّمَان إلى نفسه، كما لو أحال الضَّامن المضمون له على غيره، وقال الأكثرون: لاَ يَصِح, لأنه تكفل بشرط إبراء الكَفِيل وأنه فاسد، والكفالة ببدن الأجير المعين صَحِيحة، ومن كرم الكفيل عند العَجْزِ عن التسليم لم يصححها؛ لأنه إذا مات انفسخ العقد، وسقط الحق قاله في "التتمة" والله أعلم.
البَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الضَّمَانِ الصَّحِيحِ
قال الغزالي: وَلَهُ أَحْكَامٌ: الأَوَّلُ -يَجُوزُ (م) مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ مِنْ غَيْرِ انْقِطَاعِ الطَّلَبَةِ عَنِ المَضْمُونِ عَنْهُ، وَمَهْمَا أُبْرِئَ الأَصِيلُ بِرَئَ الكَفِيلُ، وَإِنْ أُبْرِئَ الكَفِيلُ لَمْ يَبْرَإِ الأَصِيلُ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلاً فَمَاتَ الأَصِيلُ لَمْ يُطَالِبَ الكَفِيلُ لِأَنَّهُ حَيٌّ.
قال الرَّافِعِيُّ: مقصود الباب بيان ما يترتب على الضَّمَانِ الصَّحِيح من الآثار والأحكام، فمنها: أنه يتجدد للمَضْمون له جوازُ مطَالبة الضَّامن، ولا تنقطع مطالبته عن المضمون عنه، بل يتخير في مطالبتهما ومطالبة وَاحِدٍ منهما؛ لأن غرض العقد التوثيق.
وعن مالك -رضي الله عنه- أنه لا يطالب الضَّامن إلا إذا عَجَزَ عن تَحْصِيلِه من الأصيل، لغيبة أو إعسار، هذا إذا أطلق الضَّامن.
أما إذا ضَمِن بشرط براءة الأَصيل ففي صِحَّته وجهان عن ابْنِ سُرَيْج:
أشبههما: المنع؛ لأنه قرن به شرطاً يخالف مقتضى الضَّمان.
والثاني: يصح، كما روى أنه لما ضمن أبو قتادة -رضي الله عنه- الدينارين عن الميِّت، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "هُمَا عَلَيْكَ حَقُ الْغَرِيمِ وَبَرِئَ الْمَيِّتُ، فَقَالَ: نَعَمْ فَصَلَّى