فإن قلنا: بالصِّحَّة، ففي صِحَّة الشرط وجهان، يشتمل الخلاف في براءة المُحِيل إذا أحال على من لاَ دَيْن عليه، وصَحَّحْنَا هذه الحوالة وقد مَرَّ ذَلِك، وقد يعكس الترتيب فيقال في صِحَّة الشرط: إن فَسَدَ ففي فَسَاد الضَّمَانِ وجهان، وإذا صَحَّحْنَا العقد والشَّرط بَرِئَ الأَصِيل، وكان للضَّامن الرجوع عليه في الحَالِ إن ضمن بإذنه؛ لأنه حصل براءة ذمته كما لو أدى ومهما أبرأ مستحق الدَّيْن الأصيل برئ الضِّامن لسقوط الحق كما لو أدى الأصيل الدين أو أحال الأصيل مستحق الدَّيْن على إنسان أو أحال المستحق غَرِيمه عليه، وكذلك يبرأ ببراءة ضَامِن الضَّامن، ولو أبرأ الضَّامن لم يبرأ الأَصِيل؛ لأن إبراءه إسقاط للوثيقة، وذلك لا يقتضي سُقوط أَصْلِ الدَّيْنِ كَفَكِّ الرَّهْن، ويبرأ بإبراء المَضْمُونِ لَهُ، ولا يبرأ الضَّامن بإبراء ضَامِن الضَّامن، كما ذكرنا في الضَّامن والأَصِيل.
ولو ضمن ديناً مؤجلاً فمات الأَصِيل وحلَّ عليه الدَّيْن لم يحل على الضَّامِنِ؛ لأنه حَيٌّ يرتفق بالأَجلِ، وخرج ابْنُ القَطَّانِ: أنه يحل على الضَّامِن أيضاً لأنه فرع الأَصِيل، وعلى المَذْهَب لو أخر المستحق المطالبة كان للضَّامِنِ أن يطالبه بأخذ حقه من تَرِكَةِ الأَصِيل في الحال، أو إبراء ذمته؛ لأنه قد تهلك التركة، فلا يجد مرجعاً إذا غرم، وعن رواية الشيخ أَبِي عَلِيُّ وجه: أنه ليس للضَّامِن هذه المُطَالبة، ولو مات الضَّامن حل عليه الدين، فإن أخذ المستحق المال من تركته لم يكن لورثته الرجوع على المَضْمُون عنه قبل حُلُولِ الأَجل، ونقل القَاضِي ابْنُ كِجٍّ وجهاً آخر أنه لا يَحِل على الضَّامن كما لا يحل على الأَصِيل.
قال الرَّافِعِيُّ: أصل مسائل الفَصْل وجهان، خرجهما ابْنُ سُرَيْجٍ في أن مجرد الضَّمَان هل يثبت حقاً للضَّامن على الأَصِيل، ويوجب علقة بينهما أم لا؟ ففي وجه يوجب, لأنه اشتغلت ذمته بالحَقِّ كما ضمن، فليثبت له عوضه على الأَصِيل، وفيه وجه لا؛ لأنه لا يفوت عليه قبل الغُرْم شيء، فلا يثبت له شَيْءٌ إلا بالغُرْمِ.
إذا عرفت ذلك، فلو طَالَبَ المَضْمُون لَهُ الضَّامِن بأداء المَالِ كان له أن يُطَالِب