للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" البَابُ الرَّابعُ في الإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الإِقْرَارِ"

قال الغزالي: إِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: هَذَا ابنْيِ الْتَحَقَ بِهِ بِشَرْطِ أَنْ لاَ يُكَذِّبَهُ الحِسُّ بِأَنْ يَكُونَ أَكْبَرَ سِنَّاً مِنْهُ، أَوِ الشَّرْعُ بأَنْ يَكُونَ مَشْهُورَ النَّسَبِ، أَو المُقِرُّ لَهُ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا فَيُنْكِرَ، فَلَوْ اسْتَلْحَقَ مَجْهوُلاً بِالغًا وَوَافَقَهُ لِحَقَ، وَلَوْ كَانَ صَغِيراً لَحِقَ في الحَالِ حَتَّى يَتَوَارَثَانِ في الصغَرِ، فَلَوْ بَلَغَ وَأنْكَرَ فَفِي اعْتِبَارِ إِنْكَارِهِ بَعْدَ الحُكْمِ بِهِ خِلاَفٌ، وَلَوْ مَاتَ صَبِيٌّ وَلَهُ مَالٌ فَاسْتَلْحَقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَوَرِثَ، وَإِنْ كَانَ بَالِغاً فَاسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ المَوْتِ فَفِيهِ خِلاَفٌ، لِأَنَّ تَأَخِيْرَهُ إِلَى الَمْوتِ يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَوْفًا من إِنْكَارِهِ.

قال الرَّافِعِيُّ: الإقرار بالنسب لا يصح إلاَّ إذا كان المقر بالصفات المعتبرة في المقرين كما سبق، ثم لا يخلو إما أن يلحق النسب بنفسه أو بغيره.

القسم الأول: أن يلحق النسب بنفسه، فيشترط فيه أمور.

أحدها: ألا يكذبه الحس، ويكون ما يدعيه ممكناً، فلو كان في سن لا يتصور أن يكون ولداً للمستلحق بأن كان أكبر سنًا منه، أو مثله، أو كان المستلحق أكبر، ولكن بقدر لا يولد لمثله. فلا اعتبار بإقراره.

ولو قدمت امرأة من الرُّوْم أو غيرها من بلاد الكفر (١)، ومعها صبي، فادعاه رجل من المسلمين لحقه إن احتمل أنه خرج إليها، أو أنها قدمت قبل ذلك، وإن لم ينقدح احتمال لم يلحقه.

والثاني: ألا يكذبه الشرع، بأن يكون المستلحق معروف النسب من غيره؛ لأن النسب الثابت من شخص لا ينتقل إلى غيره، ولا فرق بين أن يصدقه المستلحق، أو


= الواو آخره جيم، والعامة تشدد الواو وهو فارسي معرب. قال ابن الجواليقي وغيره وفسره الشيخ المصنف باللحاف.
(١) قال الزركشي: لا خفاء أن هذا في الناطق، أما الأخرس فلا شك أن كتابته إذا اقترن بها ترينة تقتضيه وإلا لم يصح.
قال القاضي أبو الطيب: هناك لا خلاف في صحة ضمانه بالإشارة إذا انفردت عن الكتابة وأنه إذا لا تصح بالكتابة إذا انفردت عن الإشارة والفرق أن الكتابة قد تكون لتجربة الدواة أو القلم، وأما الإشارة فلا يراد بها إلا العقد، وحكى الرافعي وجهين في ضمانه بالكتابة سواء أحسن الإشارة أم لا، وقال: الأصح الصحة عند القرينة المذكورة، ثم قال: ويجريان في الناطق وفي سائر التصرفات.
قال في الخادم: ذكرهم دار الكفر مثال فإن كل بلد معين كذلك حتى لو قدمت مغربية إلى المشرق كان الحكم كذلك، وإنما مثلوا ببلاد الكفر لأن انتقال المسلم إليها بعيد نادر بخلاف البلاد الإسلامية فيعلم أن الحكم فيها كذلك من باب أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>