للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاسْتِحْبَاب فيما إذا اجتمع الوَصْفَانِ. وحكاه القاضي ابْنُ كَجٍّ أيضاً، فيجوز أن يُعَلَمَ لذلك قوله في الكتاب "لم تستحب" بالواو. وإن لم يَقْدِرْ على الكَسْبِ، ولكن كان أَمِيناً ففي الاسْتِحْبَابِ وجهان: مَذْكُورَانِ في الكتاب:

أحدهما: يُسْتَحَبُّ؛ لأنه إذا عرفت أَمَانَتُهُ أُعِينَ بِالصَّدَقَاتِ فيعتق (١).

وأظهرهما: المنع، لِتَعَذُّرِ رَجَاءِ العتق بما لا يتوظف ولا يوثق به.

وإذا طلب السَّيِّدَ الكِتَابَةَ لم يجبر العَبْدُ عليه.

وروى القاضي ابْنُ كَجٍّ أن عند مالك الجَبْرَ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَهَا أَرْكَانٌ وَأَحْكَامٌ النَّظَرُ الأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الأَوَّلُ؛ الصِّيغَةُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: كَاتَبْتُكَ عَلَى أَلْفٍ فِي نَجْمَيْنِ فَصَاعِدَاً إِنْ أَدَّيْتَهُ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَإنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّعْلِيقَ وَنَوَى كَفَى، وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ لَفْظِ الكِتَابَة دُونَ صَرِيحِ التَّعْلِيقِ أَوْ نِيَّتِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَنتَ حُرٌّ عَلَى أَلفٍ فَقَبِلَ عُتِقَ في الحَالِ وَالأَلْفُ في ذِمَّتِهِ، وَلَوْ قَالَ إِنْ أَعْطَيْتَنِي أَلْفاً فَأَنْتَ حُرٌ فَأَعْطَى مِنْ مَالِ غَيْرِهِ إِذْ لَا مَالَ لَهُ هَلْ يُعْتَقُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، فَإنْ قُلْنَا يُعْتَقُ فَهَلْ يُرْجَعُ إِلَى قِيمَةِ الرَّقْبةِ وَيَتْبَعُهُ الكَسْبُ كَمَا فِي الكِتَابَةِ الفَاسِدَةِ أَوْ هُوَ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَلَوْ بَاعَ العَبْدُ مِنْ نَفْسِهِ صَحَّ وَلَهُ الوَلَاءُ، وَقِيلَ: لَا وَلَاءَ لَهُ أَصْلاً لِأَنَّهُ عُتِقَ عَلَى نَفْسِهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: عَدّ أَركان الكتابة أَرْبَعَةٌ:

أحدهما: الصِّيغَةُ؛ وهي أن يقول لِعَبْدِهِ: كَاتَبْتُكَ على أَلْفِ مثلاً تؤديه إِلَيَّ في نَجْمَيْنِ أو أكثر، فهذا أديت فأنت حُرٌّ. فيقول العبد: قَبِلْتُ (٢) ولو لم يصرح بِتَعْلِيقِ الحرية بالأداء، ولكن نَوَاهُ بقلبه: كاتبتك على كذا، صَحَّتِ الكتابة أيضاً، وإن لم يُصَرِّحْ بالتعليق ولا نَوَاهُ لم تَصِحَّ الكتابة، ولم يحصل العِتْقُ.


(١) قال الشيخ البلقيني في تصحيح المنهاج: يستثنى منه أي من عدم الكراهة ما إذا كان فاسقاً يضيع ما يكسبه في الفسق واستيلاء السيد عليه يمنعه من ذلك فتكره كتابته، وقد ينتهي الحال إلى التحريم.
وقال في القوت: لا يبعد أن يقال إن كان العبد فاسقاً أو سراقاً والأمة فاجرة عاهرة، وفي معناها الأمرد الممكن من دبره وعلم السيد أنه لو كاتبهما مع العجز عن الكسب لوقعا بالكسب بالطرق المشار إليها أنه لا يجوز له لما يتضمنه من التمكين من الفساد والإعانة على غير السداد وكذلك العبد الزاني والشرّيب وغلب على ظنه أن كل ما يكتسبه يصرفه إليهما أنه يحرم إجابته إلى الكتابة، انتهى.
(٢) قال الأذرعي: أي ونحو ذلك من ألفاظ القبول كغيرها من العقود، ويشترط القبول على الفور كما في البيع وغيره من المفاوضات وهذا في الناطق، أما الأخرس المفهم فتكفي إشارته كسائر عقوده وهل يكفي كتابة غير المفهم كما يكفى إشارة المفهم، فيه نظر ولم أر فيه شيئاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>