للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن الأصحاب من خَرَّجَ من التدبير قَوْلًا: أن لفظ "الكتابة" صريح مُغْنٍ عن التَّصْرِيحِ بالتعليق وَنِيَّتِهِ. وقد ذكرنا في التدبير.

وَلْيُعَلَمْ قوله في الكتاب: "ولا يكفي مجرد لفظ الكتابة دون صريح [التعليق] (١) ونيته" مع الواو بالحاء والألف؛ لأنه صريح عندهما، ووراء هذا شيئان:

أحدهما: عن أبي إِسْحَاقَ أنه إن كان الرَّجُلُ فَقِيهاً صَحَّتْ كِتَابَتُهُ لمجرد اللفظ، وإلاَّ فَلاَ بُدَّ من التعليق أو نِيَّتِهِ.

وفي "تَعْلِيقَةِ الشيخ أبي حَامِدٍ" بِنَاءُ هذا التفصيل على الفَرْقِ بين التدبير والكتابة بأن التدبير مَشْهُورٌ عند الخَوَاصِّ والعَوَامِّ، والكتابة لا يعرفها إلاَّ الخَوَاصُّ، وقد سَبَقَ هذا في "التَّدْبِيرِ"، وذكر أن أبا إسْحَاقَ قال على هذا: لو كان الرَّجُلُ حَدِيثَ عَهْدٍ بالإسلام، أو جَاهِلاً بالأحكام لا يعرف التدبير، لا يَنْعَقِدُ تدبيره بمجرد لفظ التدبير حتى يُضَمَّ إليه نِيَّتِهِ أو زِيَادَةُ لفظ.

والثاني: حكى الصَّيدَلاَنِيُّ عن بعض الأَصْحَاب إذا ذكر ما تتميز به الكتابة عن المُخَارَجَةِ كفى مثل أن يقول: تعاملني أو أَضْمَنُ لكَ أَرْشَ الجِنَايَةِ، أو تستحق مني الإيتاء، أو من الناس سَهْمَ الرِّقَاب، كفى ذلك ولا حَاجَةَ إلى تَعْلِيقِ الحرية بالأَدَاءِ، ويُؤَيِّدُهُ ما ذكره الإِمَامُ أن قوله ها هنا: "إذا أديت فأنت حر"؛ ليس المَقْصُودُ منه التَّعْلِيقُ على الحقيقة، وإنما هو نُطْقٌ بمضمون العقد على الغالب والغَرَضُ كله (٢) إِزَالَة التَّرَدُّدِ في لفظ "الكتابة". [ولذلك قد] (٣) يحصل العِتْقُ بغَيْرِ الأَدَاءِ ويكتفي بالنية [من غير لفظ التعليق، ولو كان التعليق مقصوداً لبعد حصوله بالنية] (٤) ولا يكفي قوله: كَاتَبْتُكَ بحالٍ، كما إذا قال: بِعْتُكَ كذا، ولم يذكر العِوَضَ.

ثم في الفصل مَسْأَلَتَانِ:

إحداهما: إذا قال: أنت حر على أَلْفٍ، فقبل العَبْدُ، عتق في الحال، ويثبت الألف في ذِمَّتِهِ، وهو كما لو قال لِزَوْجَتِهِ: أنت طَالِقٌ على ألف فَقِبَلَتْهُ.

ولو قال: إن أعطيتني ألفاً أو إن أَدَّيت إليَّ أَلْفاً فَأَنْت حر فلا يمكنه أن يعطي مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فإنه لا يملك شَيْئاً، فهو كما لو قال لِزَوْجَتِهِ: إن أَعْطَيْتنِي ألفاً فَأَنْتِ طَالِقٌ، فأتت بألف مَغْصُوبٍ.

وقد ذكرنا في "الخُلْعِ" وجهين في وُقُوعِ الطلاق، والأظهر أنه لا يَقَعُ، ففي


(١) في ز: العتق.
(٢) في أ: أن.
(٣) في ز: وكذلك.
(٤) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>