للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فرع]

قال في "التتمة": لو نقل حرّاً صغيرًا أو كبيرًا بالقهر من موضع إلى موضع آخر، فإن لم يكن له غرض في الرجوع إلى الموضع الأول، فلا شيء عليه (١) وإن كان واحتاج إلى مؤنة، فهو على الناقل لتعديه.

ومنها: منفعة الكلب، فمن غصب كلب الصيد، أو الحراسة لزمه رده مع الرد، إِن كان له مؤنة، وهل يضمن منفعته بالأجرة؟ فيه وجهان مرتبان مبنيان على الوجهين في جواز استئجاره، وسيأتي ذكرهما، وما اصطاده الغاصب بالكلب المغصوب للمالك على أحد الوجهين، كصيد العبد، وأكسابه، وللغاصب على أظهرهما؛ لأن الجارحة آلة كما لو غصب شبكة أو قوصا، واصطاد بهما، ويجرى الوجهان فيما لو اصطاد بالبَازِي، والفهد المغصوبين، وحيث كان الصيد للغاصب لزمه أجرة المِثْلِ للمغصوب منه، وحيث كان للمالك كصيد العبد، ففي وجوب الأجرة لزمن الاصطياد وجهان:

أحدهما: لا تجب؛ لأنه إذا كان الحاصل له كانت المنافع منصرفة إليه.

وأشبههما: الوجوب؛ لأنه ربما كان يستعمله في غير ما استعمله (٢).

ولا تدخل الأجرة فيما اكتسبه. ثم الفصل مختوم بقاعدتين.

إحداهما: المغصوب إذا دخله نقص هل يجب أرشه مع الأجرة؟ ينظر إن كان النقص بسبب غير الاستعمال، كما لو غصب ثوباً أو عبداً، فانتقصت قيمته بآفة سماوية، كما لو سقط العبد بمرض وجب الأرش مع الأجر، والأجرة لما قبل حدوث النقصان أجرة مثله سليمًا، ولما بعده أجرة مثله معيباً، فإن كان النقص بسبب الاستعمال، كما إذا لبس الثوب فأبلاه فوجهان:

أصحهما: أنهما يجبان أيضاً، كما لو حصل النقصان بسبب آخر.

والثاني: أنه لا يجب إلاَّ أكثر الأمرين من أجره المثل، وأرش النقصان؛ لأن النقصان نشأ من الاستعمال، وقد قوبل الاستعمال بالأجرة، فلا يجب له ضمان أجر، والقائل الأول يقول: الأجرة لا تجب للاستعمال؛ وإنما تجب لفوات المنفعة على المالك، أَلاَ تَرَى أنها تجب، وإن لم تستعمل، فإذا لا يلزم وجوب ضامنين بشيء واحد والله أعلم.


(١) وذكر مثل ذلك القاضي في موضع، وقال في آخر: لا نحب لكن إذا كان النقل إلى برية مهلكة، فعليه رده إلى العمران يعني المأمن حسبه من حيث الأمر بالمعروف ولا يختص به، بل جملة المسلمين فيه سواء، وذكر مثله الإمام (أسنى المطالب ٢/ ٣٤٣).
(٢) قال النووي: والوجهان فيما إذا لم تنقص قيمة الصيد عن الأجرة، فإن نقصت وجب الناقص قطعاً. ينظر الروضة ٤/ ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>