السيد يزوج الأمة المخصوبة، ولا يؤجرها، كما لا يبيعها؛ لأن يد الغاصب حائلة.
ولو تداعى اثنان نكاح امرأة، يدعيان عليها, ولا يدعى أحدهما على الآخر، وإن كانت عنده، وإِذا أقرت لأحدهما حكم بأنها منكوحته، وذلك يدل على أن اليد لها، وأيضاً فإن منفعة البضع تستحق استحقاق ارتفاق للحاجة وسائر المنافع تستحق استحقاق ملك تام، أَلاَ تَرَىَ أن من ملك منفعة بالاستئجار نقلها إلى غيره بالعوض بأن يؤجر وبغير العوض بأن يعير؟ والزوج المستحق لمنفعة البضع لا يملك نقلها, لا بعوض، ولا بغير عوض. وأما إذا فوت منفعة البضع بالوطء ضمن مهر المِثْلِ.
وأخرنا بسط الكلام فيه إلى الفصل الثالث من الباب الثاني؛ لأن حكم وطء المشترى من الغاصب مذكور هناك، وذكر حكم وطء الغاصب معه أحسن في النظم.
ومنها: منفعة بدن الحر، وهي مضمونة بالتفويت، وإذا قهر حرّاً، واستخدمه في عمل ضمن أجرته، وإن حبسه، وعطل منافعه، فوجهان:
أحدهما: أنه يضمنها أيضاً؛ لأن منافعه متقومة بالعقد الفاسد، فأشبهت منافع الأموال، وحكى هذا عن ابنِ أَبِي هُريَرَة.
وأصحهما: المنع؛ لأن الحر لا يدخل تحت اليد فمنافعه تفوت تحت يده بخلاف الأموال، ويقرب من هذين الوجهين الخلاف في صورتين.
إحداهما: لو استاجر حرّاً وأراد أن يؤجره هل له ذلك؟
والثانية: إذا أسلم الحر المستاجر نفسه، ولم يستعمله المستأجر إلى انقضاء المدة التي استأجره فيها هل تتقرر أجرته؟
قال الأكثرون: له أن يؤجره، وتتقرر أجرته.
وقال القَفَّالُ: لا يؤجره، ولا تتقرر أجرته؛ لأن الحر لا يدخل تحت اليد، ولا تحصل منافعه في يد المستأجره وضمانه، إلاَّ عند وجودها، هكذا أورد النقلة توجيه الخلاف في المسائل الثلاثة، ولم يجعلوا دخول الحر تحت اليد مختلفاً فيه، ولكن القائلين بجواز إجارة الحر المستأجر، وتغريم الأُجرة كأنهم بنوا الأمر على الحاجة والمصلحة، وصاحب الكتاب جعله مختلفاً فيه، وبنى الخلاف في المسائل على التردد في دخوله تحت اليد، ولم أعثر على ذلك لغيره، وبتقدير ثبوته يجوز أن يعلم قوله:"والحر لا يدخل تحت اليد" وفي الرَّهْن في الباب الثالث في مسألة موت الحرة المَزْنِيِّ بها في الطلق من حمل الزنا بالواو، وفي ثياب الحر في ضمان من استولى عليه تفصيل مذكور في الكتاب في "السرقة".