للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنَّ النِّكَاحَ صَحِيْحٌ؛ لأن التصحيح، وإن جزم به على تقدير هذا التعليق، فإذا صَرَّحَ به فقد صَرَّحَ بمقتضى العقد، وَيُحْكَى هَذَا عَنْ أبِي حَنيْفَةَ رحمه الله.

وأصحهما: وهو الذي أورده الأكثرون: أنه لا يَصِحُّ لِفَسَادِ الصِّيْغَةِ، وذكر في "التهذيب" (١) أنه لو بُشِّرَ ببنت فقال: إنْ صَدَقَ الْخَبَرُ، فقد زوجتكها صح، ولا يكون ذلك تعليقاً، بل هو تَحْقِيقْ، كما لو قال: إن كنتِ زَوْجَتِي، فَأَنْتِ طَالِقٌ يكون تَنْجِيْزاً للطلاق ويكون "إن" بمعنى "إذ"؛ لقوله تعالى: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٥].

وكذا لَوْ أخْبِرَ: من له أَرْبَعُ نُسْوَةٍ بموت إحداهن، فقال لرجل: إن صَدَقَ الُخَبَرُ فقد نكحت ابنتك، وقال ذلك الرَّجُلُ: زوجتكها، صَحَّ ويجب أَنْ يكون هذا الْجَوَابُ مفروضاً فيما إذا تيقَّنْ صدق المخبر، وإلاَّ فكلمة "إن" للتردد فيما إذا دَخَلَتْ عليه تعليق واشتراط (٢).

" القول في حكم نكاح الشغار"

المسألة الثانية: إذا قال: زوَّجتُك ابنتي، أو أختي، أو أمتي على أن تزوجني ابنتك، أو أختك على أن يكون بضع كل واحدة منهما صداقاً لِلأُخْرَى وقبل الآخر، أو قال: زوجتك ابنتي، وتَزَوَّجْتُ ابْنَتَكَ، أو أختك على أن يكون بضع كل واحدة منهما صداقاً للأخرى. فقال المخاطب: تزوجت وزوجت على ما ذكرت، فهذا نكاح الشِّغَارِ (٣) وُسُمِّيَ بِهِ إِمَّا من قَوْلُهُمْ شَغَرَ الْبَلَدُ عَنِ السُّلْطَانِ إذا خلا لخلوه عن المهر.


(١) في ب: المهذب.
(٢) قال الخادم يجيء إن بمعنى إذ من مقولات الكوفيين وطردوه بالفعل فيه محقق الوقوع وهو يقوي بتنزيل الرافعي كلام البغوي على ما إذا اعتقد صدقه لكن منع منه البصريون وتأولوا منا ورد ذلك على تعزيز تسليمه فينبغي التفضيل بين النحوي وغيره كما في نظائره فإن هذا لا يعرفه إلا الخواص من الناس ثم إنه استشكل قول المصنف وهذا الذي قاله البغوي يجب أن يكون مفروضًا فيما إذا تيقن صدق المخبر وإلا فلفظ إن للتعليق فإن الشهود لا يعلمون أنه قصد التحقيق إلا بخبره فينبغي شهادة بإقراره بالعقد لا على إنشائه فينبغي ألا يصح وفيما قاله نذر ويشهد لصحة ما قاله الرافعي والنووي ما سيأتي أنه لو قال زوجتك فاطمة ولم يقل ابنتي لكن نواها أنه يصح ونقله عن العراقيين والبغوي وسيأتي الكلام على هذا إن شاء الله.
(٣) الشِّغَارُ في اللغة الرفع من قولهم شغر البلد عن السلطان إذا خلا عنه لخلوه عن الصداق، أو لخلوه عن بعض الشرائط، وقيل: مأخوذ من قولهم شغر الكلب برجله إذا رفعها ليبول، كأن كَلاً من الوليين يقول للآخر لا ترفع رجل ابنتي، حتى أرفع رجل ابنتك، وفي التشبيه بهذا الهيئة القبيحة تقبيح للشغار، وتغليظ على فاعله وأما معناه شرعاً. فهو أن يزوج الرجل موليته على أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>