وقنت بعض العلماء الشغار إلى ثلاثة أقسام: الأول: صريح الشغار وهو أن يقول الرجل لصاحبه: زوجني ابنتك مثلاً على أن أزوجك ابنتي مثلاً من غير صداق. الثاني: وجه الشغار وهو أن يقول له زوجني ابنتك بمائة على أن أزوجك ابنتي بمائة. الثالث: المركب منهما، وهو أن يقول له زوجني ابنتك بلا شيء على أن أزوجك ابنتي بمائة، فالصريح هو الخالي من الصداق من الجانبين، والوجه هو المسمى فيه الصداق من الجانبين، والمركب هو المسمى فيه لواحدة دون الثانية. ويحرم الإِقدام عليه بجميع أنواعه لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "الإِشِغَارَ في الإِسْلاَمِ" ولما كان المالكية قد قسموا الشغار إلى الأقسام الثلاثة المتقدم نبين الحكم عندهم في هذه الأقسام، أما صريح الشغار فقالوا: يفسخ مطلقاً قبل الدخول، وبعده ولو ولدت الأولاد، ولا شيء للمرأة قبل الدخول ولها بعده صداق والمثل، وأما وجه الشغار فقالوا: يفسخ قبل الدخول، ولا شيء فيه للمرأة، ويثبت بعده بأكثر من المسمى وصداق المثل وأما المركب منهما، فيفسخ قبل الدخول في كل، ولا شيء فيه للمرأة، ويثبت نكاح المسمى لها بعد الدخول بالأكثر من المسمى، وصداق المثل، ويفسخ نكاح من لم يسم لها، ولها صداق الله. وقد اختلف الفقهاء في نكاح الشِّغَار هل هو صحيح أو فاسد ونستطيع أن نحصر الخلاف بينهم في مسألتين: الأولى: إذا لم يسميا صداقًا لواحدة منهما، بل يجعلان يضع كل صداقًا للأخرى، وهو المسمى بصريح الشغار، وقد اختلف الفقهاء في صحة هذا النكاح وفساده. فذهب المالكية، والحنابلة، والظاهرية والشافعية إلى القول بفساد النكاح في هذه الحالة. إلا أن الشافعية كما يفهم مما جاء في كتبهم يقولون إن محل فساد النكاح في هذه الحالة إذا جعل بضع كل واحد منهما صداقًا للأخرى، وأما إذا لم يجعل بضع كل منهما صداقًا للاخرى، فالأصح عندهم الصحة للنكاحين. وذهب الحنفية إلى القول بصحة النكاح، وأنه يجب لكل واحدة منهما مهر مثلها، وحكي هذا عن عطاء وعمرو بن دينار، ومكحول، والزهري، والثوري. استدل الحنفية ومن معهم بما يأتي -قالوا لما جعلا بضع كل منهما صداقًا للأخرى فقد سميا ما لا يصلح صداقًا. والنكاح لا تبطله الشروط الفاسدة وإذا كان الأمر كذلك صح النكاح ووجب مهر المثل كما لو سميا خمرًا أو خنزيرًا. فيكون حاصل هذا الدليل أن فساده من جهة المهر وفساد المهر لا يوجب فساد العقد. ويرد هذا الدليل بأن الفساد هنا ليس من جهة المهر بل فساده من جهة أنه أوقفه على شرط فاسد يوجب فساد العقد، إذ فيه التشريك في البضع لأن كل واحد منهما جعل بضع مولية موردًا للنكاح وصداقًا للأخرى فأشبه تزويجها من رجلين وهو باطل فكذلك ما هنا على أن هذا معقول في مقابلة النص وهو باطل. واستدل المالكية ومن معهم بالسنة والمعقول. أما السنّة: فأولاً ما روى عن أبي الزنا وعن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهي =