للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" القول في المصاهرة"

قال الرَّافِعِيُّ. السَّبَبُ الثَّالِثُ الْمُصَاهَرَة، وَيحرُمُ مِنْهَا عَلَى التَّأْييدِ أربعٌ:

إحداهن: أُمُّ الزَّوْجَةِ، قَالَ الله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] وأم زوجتك منها كَأُمَّكَ مِنْكَ، وَقَد عَرَفْتَ تَفسِيرَ "الأُمِّ" ويستوي في التَّحْرِيمِ أُمَّهَاتُ النَّسَبِ والرَّضَاعِ.

والثانية: زَوْجَةَ الابْنِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: ٢٣] ويشمل التحريم حَلاَئِلَ الأَحفَادِ وإن سَفَلُوا، وسواءٌ كانوا من النَّسَبِ، أو مِنَ الرَّضَاع، والمقصود منَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: ٢٣] بَيَانُ أنَّه لا يَحْرُمُ عَلَى الإِنْسَانِ زَوْجَةُ مَنْ تَبَنَّاهُ.

والثالثة: زَوْجَةُ الأَب، قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢] وما في معنَاها زوجاتُ الأَجْدَادِ، وَإِنْ عَلَوْا من قِبَلِ الأُمَ وَالأَبِ جَمِيعاً، وَتَحْرُمُ زَوْجَةُ الأَبِ مِنَ الرَّضَاعِ أيضاً.

الرَّابِعَةُ: بنت الزَّوْجَةِ، وبنتُ زوجَتِكَ منها كبنتك منْكَ، وسواءٌ كُنَّ منْ النَّسَبِ أو من الرَّضَاعَ، وتحرم الثلاثُ الأُولَيَاتُ بمجرَّد النِّكَاحِ؛ بشرط أن يَكُونَ صَحِيحاً فَأَمَّا النِّكَاحُ الْفَاَسِدُ فَإنَّهُ لا يتعلَّق به الحُرْمَةُ؛ لأَنَّهُ لا يفيد الحل في الْمَنْكُوحَةِ والحرمة في غيرها فرع الحل فيها.

وَأَمَّا الرَّابِعَةُ: وهي بِنْتُ الزَّوجَةِ، فلا تَحْرُمُ بالنِّكَاحِ، وإنَّما تَحْرُمُ إذَا دخل (١) بالزَّوْجة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٣] وذكر الحجور جرياً على الْغَالِبِ.


(١) قال في الخادم: هذا إذا كانت الزوجة حية فلو وطئ امرأته بعد موتها ولم يكن وطئها في حياتها فهل تحرم الربيبة بهذا الوطء.
قال في البحر: قال يحتمل التحريم لأنه وطئ شبهة لبقاء أحكام النكاح في هذه الحالة من الإرث وجواز الغسل ولو كان الواطئ أجنبياً لم تحرم الربيبة وإن قلنا بسقوط الحد في أحد الوجهين أي وهو الأصح لأن الحد لم يسقط هنا للشبهة بل لأن الحد في الأصل وضع للردع والزجر والموت هنا أبلغ في الردع. قال: وعندي لا تحرم الربيبة أصلاً لأنها تلحقه بالبهيمة بعد الموت لزوال الخطاب عنها وإيجاب الحد هنا كإيجابنا في وط البهيمة وهو لا يجب، وكذا إيجابها الغسل فيه.
قال صاحب الخادم: وبهذا أجاب البغوي في أول فتاويه فقال: لا يثبت بوط الميتة حرمة المصاهرة كما لو سقي لبناً حلب من ميتة لا تثبت حرمة الرضاع. قال: وكذا لو استدخلت ذكراً مباناً لا تثبت به المصاهرة بخلاف ما لو استدخلت ذكراً زائداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>