للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهِ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال: "مَنْ نَكَحَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أن يَدْخُلَ بِهَا، حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أمَّهَاتُهَا، وَلَمْ تُحَرَّمْ عَلَيهِ بِنْتُهَا" (١).

وَعَنِ مَالِكٍ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- أَنَّ الربيبة إنما تَحْرُم إذا رُبِّيَت في حِجْرِهِ.

وَيَجُوزُ أنْ يُعْلَمَ قوله في الْكِتَابِ "ويحرم منها بمجرَّد النِّكَاح الصحيح أمَّهَاتُ الزَّوْجَةِ"؛ بالواو لأن الشَّيْخِ أَبا عَاصِمٍ الْعَبَّادِيَّ وابنه أَبَا الْحَسَنِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- رَوَيَا ذهاب أبي الحَسَن أحمد بن مُحَمَّدٍ الصَّابُونِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا إلى أَنَّ أُمَّ الزوجة لا تحرم إلاَّ بالدْخُولِ كالربيبة.

ولا يحرم على الرَّجُلِ بِنْتُ زوج الأُمِّ، ولا أُمُّهُ، ولا بِنْتُ زَوْجِ الْبِنْتِ، ولا أمُّه، وَلاَ أُمُ زَوْجَةِ الأَبِ ولا بنتُها وَلاَ أُمُّ زَوْجَةِ الابْنِ، ولا بِنْتُهَا لأولا زَوْجَةُ الرَّبِيبِ، ولا زَوْجَةُ الرَّابِّ.

ثم فيه مَسَائِلُ:

المَسْأَلَةُ الأُولَى: [تجرد ملك اليمين لا يثبت نسباً منْ هذه المحرمات لكن الوطء] (٢) يثبتها حَتَّى تَحْرُمَ الْمَؤْطُوءَةُ عَلَى ابْنِ الْوَاطِئِ وأبيه، وَتُحْرَمَ عَلَيْهِ أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ وبنتها، وَاحْتَجَّ لَهُ بِأنَّ الوطء في مِلْكِ اليَمِينِ نَازِلٌ مَنزِلَةَ عَقْدِ النِّكَاحِ، وَلِهَذَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ وطء الأختين في المِلْك، كما يَحْرُمُ الْجَمْعُ في النِّكَاح، وَلاَ يَحْرُمُ الْجَمْعُ في مِلْكِ الْيَمِينِ والوطء بِشُبْهَة، والنِّكَاحُ الفَاسِدُ والشراء الْفَاسِدُ ووَطء الْجَارِيَةِ المشتركةَ، ووطء جارية الابن يثبتُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ، كما يُثْبِتُ النَّسَبَ، ويوجب العدَّةَ، وفي "شَرْح الفُرُوعِ وغيره قَوْلٌ ضعِيفٌ أنَّ الوطء بالشُّبْهَةِ لاَ يُثْبتُ حُرْمَةَ الْمُصَاهرَةِ؛ كالزِّنَا، وَالْمَذْهَبُ الأَوَّلُ، وذلك إذا شملت الشبهةُ الواطِئَ والمَوطوءة، وَأمَّا إذَا اخْتَصَّتِ الشُّبْهَةُ بِأحَدِهِمَا، والآخَرُ زانٍ، بأن أَتَى الرَّجُلُ فِرَاشٍ غَيْرِ زَوْجَته غَلَطاً فَوَطِئَهَا، وَهِيَ عَالِمَةٌ،


(١) أخرجه الترمذي [١١١٧] من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بمعناه، وقال: لا يصح، وإنما رواه عن عمرو بن شعيب: المثنى بن الصباح وابن لهيعة وهما ضعيفان، وقال غيره: لله أن يكون ابن لهيعة أخذه عن المثنى ثم أسقطه، فإن أبا حاتم قد قال: لم يسمع ابن لهيعة من عمرو بن شعيب (تنبيه) تبين أن قول الرافعي: ابن عمر، فيه تحريف لعله من الناسخ، والصواب ابن عمرو بزيادة واو، وفي الباب عن ابن عباس من قوله أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره بإسناده قوي إليه، أنه كان يقول: إذا طلق الرجل امرأة قبل أن يدخل بها وماتت، لم تحل له أمها، ونقل الطبراني فيه الإجماع، لكن في ابن أبي شيبة عن زيد بن ثابت أنه كان لا يرى بأساً إذا طلقها، ويكره إذا ماتت عنه، وروى مالك عن يحيى بن سعيد عنه أنه سئل عن رجل تزوج، ثم ماتت قبل أن يصيبها، هل تحل له أمها. قال: لا، الأم مبهمة، وإنما الشرط في الربائب. قاله الحافظ.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>