للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابعة: لو وطئها قبل الاستبراء، فَقَدْ تعدَّى وأَثِمَ، وكذا لو استمْتَعَ بها، إن حرَّمناه، ولا ينقطع الاستبراء، قال في "التتمة": لأن قيام المِلْك لم يمنع الاحْتِساب، وكذا المعاشَرَة بِخِلاَف العِدَّة، ولو أحبلها بالوطء الواقع في الحَيْض، وانقطع الدم، حَلَّت له؛ لتمام الحيضة، وان كانت طَاهِراً عنْد الإِحْبال، لم يَنْقَضِ الاستبراء حتَّى تضع الحمل هذا لفظ "الوسيط" (١).

قَالَ الَغَزَالِيُّ: (الفَصْلُ الثَّانِي فِي السَّبَبِ) وَهُوَ اثْنَانِ: (الأَوَّلُ): حُصُولُ المِلْكِ بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَو فَسْخٍ (ح) أَوْ إِقَالَةٍ (ح) * وَإنْ كَانَ الانْتِقَالُ مِنَ امْرَأَةِ أَوْ صَبِيٍّ وَجَبَ أَيْضاً* وَيَجِبُ في البِكْرِ (و) وَالصَّغِيرَةِ (م) وَالآيِسَةِ* وَلاَ يُجْزِئُ اسْتِبراؤُهَا قَبْلَ البَيْعِ* وَيَجِبُ (ح) اسْتِبُرَاءُ المُكَاتَبَةِ إِذَا عَادَتْ إِلَى الرِّقِّ بِالعَجْزِ* وَلاَ أَثَرَ لِتَحْرِيمِ الصَّوْمِ وَالرَّهْنِ* أَمَّا زَوَالُ تَحْرِيمِ الرِّدَةِ وَالإِحْرَامِ فَفِيهِ خِلاَفٌ* وَكَذَا فِي زَوَالِ تَحْرِيم التَّزْوِيجِ بِالطَّلاَقِ قَبْلَ المَسِيسِ* وَلَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الخِيَارِ فَعَادَتْ إِلَيْهِ بِالفَسْخِ فَيَجِبُ الاسْتِبرَاءُ إنْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ أَوْ بتَحْرِيمِ الوَطْءِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: لوجوب الاستبراء سببان:

أحدهما: حصول المِلْك، فمن مَلَك جاريةً بإرْثٍ أو اتِّهَاب أو ابتياع أو قَبُول وصيةٍ أو سبْيٍ، لزمه الاستبراء، وكذا لو عاد المِلْك فيها بعد الزوال بالرد بالعيب في التحالف أو بالإقالة أو خيار الرؤية أو الرجوع في الهِبَة، يلزم الاستبراء، وخالف أبو حنيفة إنْ جَرَتْ قبل القبض في الرد بالعيب وخيار الرؤية والرجوع في الهبة، وقاس الأصحاب ما خالَفَ فيه على ما وافَقَ، ولا فرق بين أن يكون الانتقال مِمَّن يُتصوَّر اشتغالُ الرحم بمائه أو ممَّن لا يُتصوَّر، كامرأة وصبيِّ ونحوهما، ولا بين أن تكون الجاريةُ صغيرةً أو آيسةً أو غَيْرَهُما، ولا بين البكر والثيِّب، ولا بيْن أن يستبرئها البائع قبل البَيْع أو لا يستبرئها.

وعن مالك أنَّها إنْ كانَتْ ممَّن توطأُ قبْل ملكها، وَجَب الاستبراء، وإلا، لم يَجِب، وعنه أنَّه يجب الاستبراء في الشريعة دُون الدنية، وفي أمالي أبي الفرج


(١) ومعنى قوله "لتمام الحيضة" أنه لا بد من مضي يوم وليلة وإلا فلا، وأصل هذا قول الإِمام إذا وطئها حائضاً فعلقت فإن كان قد مض من الحيض يوم وليلة فالذي نراه أن الاستبراء قد تم، وإن غلب على الظن أن الحيض انقطع بسبب العلوق وإذا كان الذي قد مضى حيض تام فلا نظر إلى السبب الموجب لإيقاعه. وفائدة هذا أنه يجوز له وطؤها في زمن الحمل، وأما عرض الوطء والعلوق قبل مُضي يوم وليلة وانقطع الدم بسبب العلوق فيما يظهر لم تعتد بما مضى من الدم وخرج ذلك عن حكم المدخول بها فكذا هنا، لكن صرح الإِمام بخلافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>