وقوله "ولكن بَعْد القَبُول، وموت الموصِي" لو لم يَتعرَّض لموت الموصي؛ لحَصَل الغرض، فإن القبول المعتد به ما يَقَع بعْد الموت.
الثانية: إذا وقَع الحيْض أو وضع الحمل في زَمَان الخيار المَشْروط في الشرى، ففي حصول الاستبراء به على الخلاف في المِلْك، إن قلنا: إن المِلْك للبائع لم يَحْصُل، فإذا طَهُرت من النفاس، وطَعَنت في الحيض، انقضى الاستبراء، إن قلنا: إنَّ الاستبراء بالطُّهْر، وإن قلْنا: إنه بالحَيْض، فإنما ينقضي إذا تمَّت الحيضة، وإن قلنا: إنَّ المِلْك للمشتري أو قلْنا بالوقف، فوجهان عن أبي إسحاق:
أحدهما: يحصل الاستبراء؛ لوُقُوعه في المِلْك، وإمكانُ الفَسْخ لا يمنع الاعتداد به، كما لو كان بها عيْبٌ.
أظهرهما: المنع؛ لأن الملُك في زمان الخيار غيْرُ لازم، بخلاف ما قبل القبض، وعن صاحب الكتاب: تخصيص الوجهَيْن بما إذا حاضَت في زمان الخيار، والقطْعُ بحصول الاستبراء إذا وضعت الحمل؛ لأن الاستبراء بالوضْع أقوى من الاستبراء بالأقراء.
الثالثة: لو اشترى مجوسيِّة أو مرتدَّةَ فمَرَّتْ بها حيْضة أو وضعت الحَمْل، ثم أسْلَمَت، فوجهان:
أحدهما: أنه يعتد بما جرى في الكفر؛ لوقوعه في المِلْك المستقر.
وأظهرهما: المنع، ووجوب الاستبراء بعْد الإسلام؛ لأن الاستبراء استباحةُ الاستمتاع، وإنما يُعْتَدُّ بما يستعقب حل الاستمتاع، وربما بُنِيَ الوجهان على أن المُوجِب للاستبراء حدوثُ المِلْك أو حدوثُ حِلَّ الاستمتاع، وهذا أصْلٌ سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
وإذا اشترى العبدُ المأذونُ جاريةً، فللسيد وطؤها بعد الاستبراء، إن لم يكن هناك دَيْن، فإن كان هناك دَيْنٌ للغرماء، لم يكن له وطؤها؛ لئلا يُحْبِلها، فيَبْطُل حق الغرماء، فإذا انفكت عن الدُّيون بقضاء أو إبْراء، وقد جَرَى ما يَحْصُل به الاستبراء قبل (١) الانفكاك فيُحْسَب ذلك، أم يُشْترط وقوع الاستبراء بعْد الانفكاك؟ فيه وجهان، كما في مسألة المَجُوسية، وبالثاني أجاب العراقيون، وذكر في "الشامل" أنه لو اشترى جاريةً ورهنَهَا قبل الاستبراء، ثم انفك الرَّهْن، يستبرئها، ولا يُعْتدُّ بما جرى، وهي مرهونةٌ، وغلَّطه القاضي الرُّويانيُّ فيه.