والثاني: الجواز لصحة عبارته في الجملة، وإنما لم يل أمر ابنته؛ لأنه لا يتفرغ للبحث والنظر وهاهنا ثم البحث والنظر من جهة الموكل، وهذا أظهر عند صاحب الكتاب، والأول أظهر عند المعظم، وربما لم يذكروا غيره، وتوكيل المحجور عليه بالسفه في طرفي النكاح، كتوكيل العبد وتوكيل الفاسق في إيجاب النكاح، كتوكيلهما إذا سلبنا الولاية بالفسق، ولا خلاف في جواز قبوله بالوكالة، والمحجور عليه بالفلس يوكل فيما لا يلزم ذمته عهدة، وكذا فيما يلزم عهدة على الأصح من الوجهين، كما أن شراءه صحيح على الصحيح.
ويجوز توكيل المرأة في طلاق زوجة الغير على أصح الوجهين، كما يجوز أن يفوض الزوج طلاق نفسها إليها.
وذكر في "التتمة" أنه لا يجوز توكيل المطلقة الرجعية في رجعية نفسها، ولا توكيل المرأة امرأة أخرى؛ لأن الفرج لا يستباح بقول النساء، وأنه لا يجوز توكيل المرأة في الاختيار في النكاح، إذا أسلم الكافر على أكثر من أربع نسوة، وفي الاختيار للفراق وجهان. وقوله في الكتاب:"ومنع استقلالهم بأمور عارضة" أي: هم صحيحو العبارة، كاملو الحال، وإنما منعناه لأمور تعرض، فيمنع استقلالهم بالتصرف، لا مطلق التصرف على ما مَرَّ.
" فرع"
توكيل المرتد في التصرفات المالية يبنى على انقطاع ملكه وبقائه إن قطعناه لم يصح، وإن أبقيناه صح. وإن قلنا: إِنه موقوف، فكذلك التوكيل، ولو وكل، ثم ارتد، ففي ارتفاع التوكيل الأقوال.
ولو وكل مرتداً أو ارتد الوكيل لم يقدح في الوكالة لأن التردد في تصرفه لنفسه، لا لغيره، هكذا نقل الأصحاب عن ابْنِ سُرَيْجٍ.
وفي "التتمة" أنه يبني على أنه هل يصير محجوراً عليه.
إن قلنا: نعم انعزل عن الوكالة، وإلا فلا (١).
(١) قال النووي: ولو وكل المسلم كافراً ليقبل له نكاح مسلمة، لا يصح. ولو وكله في قبول كتابية صح، وإن وكله في طلاق مسلمة، فوجهان؛ لأنه لا يملك طلاق مسلمة، لكن يملك طلاقاً في الجملة. وللمكاتب أن يوكل غيره في البيع والشراء وسائر التصرفات التي تصح منه، ولا يملك التوكيل في التبرع يغير إذن سيده. وبإذنه قولان، بناء على صحته بإذنه، ولو وكل رجل مكاتباً بجعل يفي بأجرته، جاز. وبغير جعل، له حكم تبرعه. ينظر الروضة ٣/ ٥٣٣.