للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الغزالي: الرّكْنُ الرَّابعُ: الصِّيغَةُ، وَلاَ بُدَّ مِنَ الإِيجَابِ، وَفِي القَبُولِ ثَلاَثَةُ أَوْجُهٍ، الأعْدَلُ هُوَ الثَّالِثُ وهَوَ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِصِيغَةِ عَقْدٍ كَقَولِهِ: وَكَّلْتُكَ أَوْ فَوَضْتُ يُشْتَرَطُ القَبُولُ، وَإِنْ قَالَ: بعْ وَاعْتِقْ فَيَكْفِي القَبُولُ بالامْتِثَالِ كَمَا فِي إِبَاحَةِ الطَّعامِ، وَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُهُ فَفِي اشْتِرَاطِ عِلْمِهِ مَقْرُونَاً بِالوِكَالَةِ خِلاَفٌ، وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ عدم الرَّدِّ مِنْهُ، فَإِنْ رَدَّ انْفَسَخَ لأِنَّهُ جَائِزٌ، وَفِي تَعْلِيقِ الوَكَالَةِ بِالإِغْرَارِ خِلافٌ مَشْهُورٌ، فإِنْ مُنِعَ فَوَجَدَ الشَّرْطَ فَقَدْ قِيلَ: يَجُوزُ التَّصَرُّفُ بِحُكْمِ الإِذْنِ، وَفَائِدَةُ فَسَادِهِ سُقُوطُ الجعْلِ المُسَمَّى وَالرُّجُوعُ إِلَى الأُجْرَةَ، وَلَوْ قَالَ: وَكَلْتُكَ فِي الحَالِ وَلاَ يَتَصَرَّفُ إِلاَّ بَعْدَ شَهْرٍ فَهُوَ جَائِزٌ (و) وَيَلْزَمَهُ الإِمْسَاكُ، وَمَهْمَا صَحَّحْنَا التَّعْليقَ فَقَالَ: مَهْمَا عَزَلْتُكَ فَأَنْتَ وَكِيلِي فَطَرِيقُهُ فِي العَزْلِ أنْ يَقُولَ: ومَهْمَا عُدْتَّ وَكِيلِي فَأَنْتَ مَغْزُولٌ حَتَّى يَتَقَاوَمَا فِي الدُّورِ وَيَبْقَى أَصْلُ الحَجْرِ.

قال الرافعي: الفصل يشتمل على مسألتين:

إحداهما: لا بد من جهة الموكل من لفظ قال على الرضا بتصرف الغير له، وإلاِّ فكل أحد ممنوع عن التصرف في حق غيره، وذلك مثل أن يقول: وكلتك بكذا، وفوضته إليك، وأنبتك فيه، وما أشبههما. ولو قال بيع وأعتق، ونحوهما حصل الإذن، وهذا لايكاد يسمى إيجاباً، وإنما هو أمر وإذن والإيجاب هو قوله: وكلتك، وما يضاهيه، وعلى هذا فقوله في الكتاب: "ولا بد من الإيجاب" أي: وما يقوم مقامه، وأما القبول، فإِنه مطلق بمعنيين:

أحدهما: الرضا والرغبة فيما فوض إليه ونقيضه الرد.

والثاني: اللفظ الدال عليه على النحو المعتبر في البيع، وسائر المعاملات، ويعتبر في الوكالة القبول بالمعنى الأول حتى لو رده، وقال: لا أقبله أو لا أفعل بطلت الوكالة، ولو ندم وأراد أن يفعل لا ينفع، بل لا بد من إذن جديد، وذلك لأن الوكالة جائزة ترتفع في الدوام بالفسخ، فلأن ترتد في الابتداء بالرد كان أوجه.

وأما بالمعنى الثاني، فقد نقل الإمام طريقين:

أحدهما: أن في اشتراطه وجهين:

أحدهما المنع؛ لأنه إباحة ورفع حجر، فأشبه إباحة الطعام، ولا يفتقر إلى القبول اللفظي.

والثاني: الاشتراط، لأنه إثبات حق التسليط والتصرف للوكيل، فليقبل، كما في سائر التمليكات.

<<  <  ج: ص:  >  >>