والثانية: عن القاضي الحُسَيْنِ: أن الوجهين فيما إذا أتى بصيغة عقد، بأن قال: وكلتك أو فوضت إليك، فأما في صيغ الأمر، نحو: بعْ واشْتَرِ، فلا يشترط القبول باللفظ جزماً، بل يكفي الامتثال على المعتاد، كما في إباحة الطعام، وإذا اختصرت خرج من الطريقين ثلاثة أوجه، كما ذكر في الكتاب.
والطريقة الثانية: هي التي ذكرها في "التتمة"، وجعل قوله: أذنت لك في كذا بمثابة قوله: بع واعتق، لا بمثابة قوله: وكلتك، وإِن كان إذناً كان إذناً على صيغ العقود. قال: والمذهب أنه لا يعتبر في الوكالة القبول لفظاً وهذا ما أجاب به صاحب "التهذيب" وأخرون، وإن مال صاحب الكتاب إلى الوجه الفارق، وسماه أعدل الوجوه.
التفريع: إن شرطنا القبول، فهل يجب أن يكون على الفور؟ ظاهر المذهب أنه لا يجب؛ لأنه عقد يحتمل ضرباً من الجهالة، فيحتمل فيه تأخير القبول، كالوصية.
وعن القاضي أبِي حَامِدٍ أنَّهُ يجب أن يكون على الفور، كالبيع.
وعن القاضي الحُسَيْنِ أنه يكتفي وقوعه في المجلس، هذا في القبول اللفظي فأما بالمعنى الأول، فلا يجب التعجيل بحال، ولو خرج على أن الأمر، هل يقتضي الفور لما بعد؟ وإن لم يشترط القبول، فلو وكله، والوكيل لا يشهر به، هل تثبت وكالته؟ قال في "النهاية" وفيه وجهان يقربان من القولين في أن العزل هل ينفذ قبل بلوغ الخبر الوكيل؟ فالوكالة أولى بألا تثبت، لأنه تسلط على التصرفات، فإن لم يثبتها، فهل نحكم بنفوذها حالة بلوغ الخبر كالعزل أم لا؟.
وفيه وجهان عن رواية الشيخ أَبِي مُحَمَّدٍ إن لم نحكم به، فقد شرطنا اقتران علمه بالوكالة.
والأظهر ثبوت الوكالة وإن لم يعلم وعلى هذا فلو تصرف الوكيل، وهو غير عالم بالتوكيل، ثم تبين الحال خرج على الخلاف فيما إذا باع مال أبيه على ظن أنه حي، وكان ميتاً.
ومن فروع هذا الخلاف أنا حيث لا نشترط القبول نكتفي بالكتابة، والرسالة، ونجعله مأذوناً في التصرف، وحيث اشترطناه، فالحكم كما لو كتب بالبيع الذي أجاب به القاضي الرُّوياني في "الوكالة" بالجواز (١)
ومنها: إذا اشترطنا القبول في الوكالة، فلو قال: وكلني بكذا، فقال الموكل:
(١) قطع الماوردي أيضاً وكثيرون بالجواز وهو الصواب. ينظر الروضة ٣/ ٥٣٤.