للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلتك، هل يشترط القبول أم يقام مقامه قوله: وكلني؟.

فيه خلاف، كما في البيع ونحوه، ثم قيل: الوكالة أحوج للاشتراط، لأنها ضعيفة، ولو عكس موجهاً بأن الوكالة يحتمل فيها ما لا يحتمل في البيع، فكانت أولى بعدم الاشتراط، لكان أقرب.

الثانية: إذا علق الوكالة بشرط، فقال: إذا قدم زيد، أو جاء رأس الشهر، فقد وكلتك بكذا، أو أنت وكيلي، ففيه وجهان.

أحدهما: ويحكى عن أبي حنيفة، وأحمد: أنها تصح؛ لأنها استنابة في التصرف، فأشبهت عقد الامارة، فإنها تقبل التعليق على ما قال عليه الصلاة والسلام: "فَإِنْ أُصِيْبَ جَعْفَرُ فَزَيْدُ" (١).

وأظهرهما: المنع، كنا أن الشركة والمضاربة، وسائر العقود لا تقبل التعلبق، وخرج بعضهم الخلاف على أن الوكالة، هل تفتقر إلى القبول؟.

إن قلنا: لا تفتقر جاز التعليق، وإلاَّ لم يجز؛ لأن فرض القبول في الحال والوكالة لم تثبت بعد، وتأخرها إلى أن يحصل الشرط مع الفصل الطويل خارج عن قاعدة التخاطب، ولو نجز الوكالة، وضرب للتصرف شرطاً بان قال: وكلتك الآن ببيع عبدي هذا، ولكن لا تبعه حتى يجيء رأس الشهر، صح التوكيل بالإتفاق، ولا يتصرف إلاَّ بعد حصول الشرط، وتصح الوكالة المؤقتة، مثل أن يقول: وكلتك إلى شهر، قاله العَبَّاديُّ في "الرقم (٢) "، ويتعلق بالخلاف في تعليق الوكالة قاعدتان:

إحداهما: إذا أفسدنا الوكالة بالتعليق، فلو تصرف الوكيل بعد حصول الشرط، ففي صحة التصرف وجهان:

أصحهما: الصحة، لأن الإذن حاصل، وإِن فسد العقد، فصار كما لو شرط في الوكالة عوضاً مجهولاً، فقال: بع كذا، على أن لك العشر من ثمنه تفسد الوكالة، لكن لو باع صح.

والثاني: وبه قال الشيخ أبي مُحَمَّدٍ: أنه لا يصح لفساد العقد ولا اعتبار بالإِذن الذي يتضمّنه العقد الفاسد، ألا ترى أنه لو باع بيعاً فاسداً، وسلم المبيع لا يجوز للمشتري التصرف فيه؟ وإن تضمن البيع، والتسليم الاذن في التصرف، والتسليط عليه.

وقال في "التتمة": وأصل المسألة ما إذا كان عنده رهن لدين مؤجل، فأذن المرتهن


(١) أخرجه البخاري من رواته ابن عمر حديث (٤٢٦١)، وأحمد في المسند (٢٥٦، ٣٠٤).
(٢) وقال في المطلب: إنه لا نزاع فيه، ولم يعزه تامصنف لأحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>