للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحة الإِبْرَاءِ عن المجهول قولان مذكوران في الضمَان:

الأصح المنع، وإذا قلنا به، فذلك فيما يَزِيدُ على القَدْرِ المسْتَيْقَنِ، وفي المُسْتَيْقَنِ وَجْهَانِ، ويقال: هما مَأْخُوذَانِ من تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وإن قلنا: لا يجب المَهْرُ بالعَقْدِ، فقد قال في الكتاب: إنه إبراء مما لم يجب، وجرى سَبَبُ وجوبه، وفيه قولان كالقولين في ضَمَانِ مِثْلِ ذلك، والأصح الفَسَادُ وقد بَيَّنَّا في الضمان ما ينبغي أن ينزِل عليه.

قوله: "وجرى سَبَبُ وجوبه ولو قالت أسقطت حق الفرض لم يَسْقُطْ" كما لو أَسْقَطَتْ زَوْجَةُ المولى حَقَّهَا من مُطَالَبَةِ الزوج، وهذا لأن ثُبُوتَ المَهْرِ عند العَقْدِ، أو عند الوطء لا يَبْطُلُ بإسْقَاطِهَا، وحق طَلَب الفرض تَابعٌ له، ولو أَبرَأَتْ عن المُتْعَةِ قبل الطَّلاَقِ، فهو إِبْرَاءٌ: قبل الوجوب، وإن أَبْرَأَت بعده، فهو إِبْرَاءٌ عن المَجْهُولِ، ولو نكح إمْرَأةً على خَمْرٍ، أو خنزير، وابْرَأَتْهُ عن المسَمَّى الفاسد، فهو لَغْوٌ؛ لأن الواجب غَيْرُهُ، وإن أَبْرَأتْهُ عن مَهْرِ المِثْلِ، وهي عالمة به صَحَّ.

" فرع"

يَتَيقَّنَ أن مَهْرَها لا يَنْقُصُ عن أَلْفٍ واحتمل أن يزيدَ عليه إلى ألفين، ورَغباً في البَرَاءَةِ، فينبغي أن تُبْرِئَهُ عن ألفين، قاله في "التهذيب" وإن قَبَضَتْ ألفًا، وأَبْرَأَتْهُ من ألف إلى ألفين، فإن بَانَ أن مَهْرَها ألف، أو فَوْقَ الألف إلى ألفين، فالبَرَاءَةُ حَاصِلَةٌ، وإن بَانَ أنه فوق ألفين، فعليه الزيادة [وحصلت البراءة من ألفين] (١) والقول بحصول البَرَاءَةِ إذا بانَ فوق الألْفِ إلى الألفين -جَوابٌ على أنه إذا قال: ضمنت من واحد إلى عشرة، أو أبرأت، صَحَّ الضَّمَانُ والإبْرَاءُ، وهو الأَصَحُّ، ولو دفع الزَّوْجُ إليها ألفين، وحَلَّلَ لها ما بين ألف وألفين، حَلَّ لها ذلك إن بَانَ فوق الألْفِ إلى الألفين، وإن بَانَ دون الألف، فعليها رَدُّ قَدْرِ قيمة التَّفَاوُتِ بين مَهْرِها، وبين الألف, لأنه لم يَدْخُلْ في التحليل، ويحصل الفرْضُ من جهة [الزوجة بلفظ التَّحْلِيلِ والإبْرَاءِ، أو الإِسقاط والعفو، وأما من جِهَةِ] (٢) الزوج، فَلا بُدَّ من لَفْظٍ صَالِح لتمليك الإِعْيَانِ، فإن تصرفت في المَدْفُوعِ، وصار الزَّائِدُ دَيْنًا جَرَتْ فيه الأَلْفَاظُ.

" فرع"

قال لمن عليه أَلْفُ درهم: أَبْرَأتُكَ عن ألف دِرْهَمٍ، ثم قال: لم أعلم وَقْتَ الإِبراء أنه كان لي عليه شيء لم يُقْبَلْ قوله في الظاهر، وفي الباطن وجهان.


(١) سقط في: أ.
(٢) سقط في: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>