للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهما، وإنما برئ الغريمُ مما عليه، قال الإمام: وهذا الوجّهُ عَلَى ضعفه يجْرِي فيما سَبَقَ.

القسم الثالث: إِذا كان الدين على وارث وأجنبي [كما إذا خلف ابنين وترك عشرة عيناً وعشرة دينًا على أحدهما وعشرة دينًا على أجنبي] (١) وأوصى بثلث ماله؛ فعلى قياس تخريج ابن سريج الفريضة الجامعة من ثلاثة، يُجعل سهم للمديون ما عليه، ويقتسم الابن الآخر والموصى له العين، نصفين. وإذا حصَّل ما على الأَجنبي اقتسماه كذلك وعلى الوجه الثاني، يأخذ الموصى له ثلث العين، والباقي للابن الذي لا دين عليه [ويبرأ الابن المديون عما عليه وإذا حصل ما على الأجنبي أخذ الموصى له ثلثيه والابن الذي لا دين عليه ثلثه] (٢).

فرعٌ: ترك عشرة دَيناً عَلَى أحد ابنيه الجائرين، وعرضاً يساوي عشرة، وأوصَى بثلئه، فلكل واحدٍ من الابنين والموصَى له ثلث الدَّيْن، وثلث العرض، فيبرأ المديون عن ثلث الدَّين، وُيؤخَذُ منه ثلثا الدَّيْن لهما، فإن لم يملك إلا ثُلُث العرض أعطاهما ذلك عن حقِّهما، فإن لم يفعل باعه الحاكم، ودفع الثمن إلَيْهما.

ولو ترك عشَرةً عَلَى أحدهما، وعبداً يساوِي عَشَرة، وثوباً يساوي عَشَرة، فهَلْ يمنع المديون من التصرُّف في حقِّه من العين؛ حتَّى يؤدِّيَ نصيب أخيه من الدَّيْن، أم هو مطلق اليد فيه؟ حكى الأستاذ أبو مَنْصُورٍ فيه وجهَيْن، وَقَضَى على الوجْهَيْنِ بِنُفُوذِ إعتاقه في نصف العبد، لكن إذا قلنا: إنَّه ممنوعٌ من التصرُّفِ، بيعَ نصيبُهُ من الثوب، ودُفِع ثَمنه إلَى أخيه عن جهة الدَّيْن، ويُرَقُّ نصْفُ العبد له، وإن أطلقنا يده، فإن كان موسراً، قَوَّمنا عليه الباقي، فإن لم يملك إلاَّ نصيباً من الثوب، بِعْناه، وقضينا بنصف ثمنه، بنصف ما عليه لأخيه، وأعتقنا بنصفه رُبع العبد، ويرق ربعه، كأنا إِذا أنفذنا تصرُّفه، جعلنا إعتاقه مُلْزِماً غرم التقويم، فيُضَمُّ ذلك إلَى ما عليه من الدَّيْن، فيوزَّع ما يملكه عليهما، وإن لم ينفذ تصرُّفه، لم تعتبره في غرم التَّقْويم، وكان يجُوزُ أن يلحق إعتاقه بإعتاق الراهِنِ، إذا معناه من التصرُّف؛ حتى يجيء في عتق نصْفه الخلافُ، وهذا وقتُ العَوْد إلى شَرْح الكتاب.

البَابُ الثَّالِثُ في الرُّجُوعِ عَنِ الوَصِيَّة

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَيصِحُّ الرُّجُوعُ عنهَا قَبلَ المَوْتِ لِأَنَّهُ جَائِزٌ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ القَبْضُ، وَللرُّجُوعِ أَسْبَابٌ: أَوَّلُهَا: صَرِيحُ الرُّجُوعِ كَقَوْلِهِ: نَقَضْتُ وَرَجَعْتُ وَفَسَخْتُ وَهَذَا


(١) سقط في: ز.
(٢) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>