للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البَابُ الثَّانِي فِي تَرْتِيبِ الأَقَارِبِ

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَالنَّظَرُ فِي أَطْرَافٍ: الأَوَّلُ اجْتِمَاعُ الأَوْلاَدِ وَفِيهِ طَرِيقَانِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّ التَّقْدِيمَ بِالقُرْبِ، فَإِنْ تَسَاوَيا فَهَلْ يُقَدَّمُ الوَارِثُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، فَإِنِ اعْتَبَرْنَا الإِرْثَ فَهَلْ تَتَفْاوَتُ بِتَفَاوُتِ مِقْدَارِ الإِرْثِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: مقصودُ الباب الكلامُ فيما إذَا كان للمُحْتَاج أقاربُ، يَجِبُ على كُلِّ واحدٍ منهم نفقته لو انفرد، على مَنْ تكون نفقته عند الاجتماع؛ وفي أنه إذا اجتمع للشخص أقاربُ محتاجُون، كَيف ينفق عليهم؟ والأقاربُ في المقْصد الأوَّل، إما أن يَكُونُوا من الأصول أو من الفُرُوع أو منْهما جميعاً، فرتب الكلام في الباب على أربعة أَطْرَافٍ، والثلاثة الأول في أقسام المقصد الأول، والرابع في المقصد الثاني.

وقوله في ترجمة الطرف الأول: "اجتماع الأولاد" يعني الفروع الدين يلْزَمُهم النفقة للأصْل المُحْتَاج، وإذا اجتمعَ اثْنَانِ منهم، نُظِرَ؛ إن استويا في القرب والوراثة أو عَدَمِها، والذكورة والأنوثة، فالنفقة عليهما بِالسَّوِيَّة، سواءٌ استويا في اليَسَار أو تَفَاوَتَا، وسواء كانا قادرَيْنِ بالمال أو بالكسب أو أحدهما بالمال والآخَر بالكسب، فإن كان أحدهما غائباً، أخذ قسطه من ماله، فإن لم يكن، استقرض (١) عليه.

مثاله ابنان أو ابنتان، أو ابنا ابن أو بنتا ابن، وإن اختلفا في شيء من ذلك، ففيه طريقتان:

إحداهما: النظر إلى القرب، فإن كان أحدهما أقْرَبَ، فالنفقة عليه؛ لأنه أوْلَى بالاعتبار، ولا فرق بين أن يكون الأقرب وارثاً أو غير وارث، ولا بين أن يكون ذكراً أو أنْثَى، فإن استويا في القُرْبِ، ففي التقديم بالإرْثِ وجهان:

أحدهما: أن [النفقة] على الوارث؛ لقوَّة قرابته.

والثاني: أنه لا أثر للإرث؛ لأن القرابة [المجرَّدة] عن الإرث موجبة للنفقة، فالإرث غير مَرْعيٍّ في الباب.

فإن قدَّمْنا بالإرث، فلو استويا في أصل الإرث، فيستويان أو تتوزع النفقة بِحَسَب


(١) سكت عما إذا لم يوجد مقرض. وقال ابن الصباغ: ينبغي أن يلزم الحاضر بالنفقة للزوم نفقته لو انفرد. انتهى.
وقد أبداه القاضي الحسين في التعليق احتمالاً له أيضاً، وجزم به صاحب التتمة مورداً له إيراد المذهب فقال: فإن كان له مال حاضر استوفى الحاكم ما يخصه منه وإلا استقرض عليه، فإن لم يجد من يستقرض منه أمر الحاضر بالإنفاق، فإذا رجع الغائب طالبه بحصته وصرفه إلى المأمور.

<<  <  ج: ص:  >  >>