للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالة الثانية: إذا كانت مفارقة، وتبرعت بالإرضاع لم يكن للأب المنع وانتزاع الولد منها، فإن طلبت أجرة نظر إن كانت أكبر من أجرة المثل لم يجب عليه الإجابة، وكان له استرضاع أجنبية بأجرة المثل، وإن طلبت أجرة المثل فهي أولى من سائر المراضع بأجرة المثل، وإن وجد أجنبية تتبرع أو ترضى بما دون أجرة المثل فطريقان أشهرهما وبه قال ابن الوكيل وابن سلمة وصاحب الإيضاح (١) أن في المسألة قولين:

أحدهما: وهو اختيار المزني أنه لا ينزع الولد منها، ويجاب نظراً لها وللطفل، فإنها أشفق عليه ولبنها له أوفق، وأيضاً فلظاهر قوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}.

وأصحهما: أن له الانتزاع ولا يلزمه بذل الزيادة كما لو طلبت أكثر من أجرة المثل، وهناك من يرضى بها.

والثاني: القطع بالقول الثاني، وبه قال: أبو إسحاق والإصطخري، وحكاه ابن كج عن ابن سريج وابن أبي هريرة أيضاً وعلى الصحيح لو اختلفا فقال الأب أجد متبرعة وأنكرت فهو المصدق بيمينه، ووجهه بأنها تدعي استحقاق الأجرة عليه، والأصل عدمه ولأنه يعسر إقامة البينة على ما يقوله، فيصدق بيمينه كما لو ادعت المطلقة ثلاثاً أنها نكحت غيره وأنه أصابها تصدق لعسر إقامة البينة على الإصابة.

وقوله في الكتاب في أنه يجب على الأم "إرضاع اللبأ" ثم لها الأجرة يجوز إعلامه بالواو للوجه الذي حكيناه، ويخرج أيضاً إذا كانت الأم زوجته على الوجه الذي قلنا إنه لا يجوز له استئجار زوجته.

وقوله: "على الأب" مفروض فيما إذا كان المولود معسراً وهو الغالب، فإن كان يملك مالاً فيؤدي الأجرة منه، ولا تلزم على الأب.

وقوله: "ولا يجب عليها الإرضاع" يجوز إعلامه بالميم.

وقوله: "فإن رغبت بأجرة ... " إلى آخره مطلق من جهة اللفظ لكنه أراد ما إذا لم تكن الأم في نكاحه على ما هو مبين في الوسيط والبسيط، ويجوز أن يعلم "القولين" بالواو للطريقة القاطعة.

وقوله: "بأجرة" يعني بأجرة المثل.

وقوله: "وللزوج منعها" معلم بالواو، والله أعلم بالصواب.


(١) في أ: الإفصاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>