للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوقات المصروفة إلى الإرضاع فإذا ما أورده صاحب الكتاب والشيخ أبو إسحاق في المهذب، وقال: يكره (١) له المنع. فإن قلنا: ليس له المنع أو توافقا عليه فإن كانت متبرعة فذاك، وهل تزاد نفقتها للإرضاع فيه وجهان.

أحدهما: وبه قال أبو إسحاق والإصطخري نعم لأنها تحتاج في زمان الإرضاع إلى زيادة الغذاء ويجتهد الحاكم في تقدير الزيادة.

وأصحهما: المنع لأن قدر النفقة لا يختلف بحالة المرأة وحاجتها, ولذلك تستوي الزهيدة والرغيبة والأولى أن يقال هذه الزيادة تحتاج إليها لتربية الولد وعلى أبيه القيام بكفايته.

فإن طلبت أجرة بني على أن الزوج هل يجوز له أن يستأجر زوجته لإرضاع ولده وفيه وجهان قد ذكرناهما في الإجارة قال العراقيون: لا يجوز لأنه يستحق الاستمتاع بها في تلك الحالة فلا يجوز أن يعقد عليها عقداً آخر يمنع استيفاء الحق كما إذا استأجر إنساناَ للخدمة شهراً لا يجوز أن يستأجره تلك المدة لخياطة ثوب أو عمل آخر، وربما طردوا ذلك فيما إذا استأجر زوجته للخدمة وغيرها، وبه قال أبو حنيفة، والأصح أنه يجوز استئجارها عليه، ويكون الاستئجار رضاً بترك الاستمتاع، واحتج له بقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] ولو لم يجز استئجارها لم يكن لها أجر فإن جوزنا استئجارها فليكن الحكم فيما إذا طلبت الأجرة كالحكم فيما إذا طلبت البائنة الإرضاع بالأجرة وسنذكره إن شاء الله تعالى وإذا أرضعت بالأجرة فإن كان الإرضاع لا يمنع من الاستمتاع ولا ينقصه فلها مع الأجرة النفقة، وإن كان يمنع أو ينقص فلا نفقة لها كما ذكره صاحب التهذيب وغيره ويشبه أن يجيء فيه الخلاف فيما إذا سافرت لغرض نفسها بإذنه، وإن قلنا لا يجوز الاستئجار، وأرضعت على طمع الأجرة ففي استحقاقها أجرة المثل وجهان، قال ابن خيران تستحق لأنها لم تبذل منفعتها مجاناً، وقال أكثرهم لا تستحق (٢)، ولو استحقت لجاز استئجارها.


(١) قال النووي: الأول أصح، وممن صححه البغوي والروياني في "الحلية" وقطع به الدارمي والقاضي أبو الطيب في "المجرد" والمحاملي والفوراني وصاحب "التنبيه" والجرجاني. والله أعلم.
وممن أشار إلى ترجيحه الماوردي فإنه صدر به كلامه ثم حكى مقابله عن أبي حامد ثم اختار توسطاً وأشار إلى ترجيحه أيضاً أبو الفرج الزاز في تعليقه وجزم به الخوارزمي في الكافي.
(٢) قال الروياني في التجربة: ولم يتابع ابن خيران أحد يعني من الأصحاب واعلم أن الرافعي ذكر في كتاب الحج أن الأجير إذا صرت الإحرام إلى نفسه استحق الأجرة على الأصح لصحة العقد في الابتلاء وحصول عرض المستأجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>