للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ لاَ يَثْبُتُ بِهِ لَوْثٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الإِقْرَارِ بِالقَتْلِ المُطْلَقِ وَالآخَرُ عَلَى الإِقْرَارِ بِالقَتْلِ العَمْدِ ثَبَتَ أَصْلُ القَتْلِ، وَالقَوْلُ قَوُلُ المُدَّعَى عَلَيْهِ فِي نَفْيِ العَمْدِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنُ لَوْثٌ، وَإِنْ قَالَ: أَحَدُهُمَا قَتَلُهُ عَمْداً وَقَالَ الآخَرُ خَطَأً فَفِي ثُبُوتِ أَصْلِ القَتْلِ وَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مسائل:

الأولى: إذا اختلف شاهدا القَتْلِ في زمانٍ؛ بأن قال أحدهما: قتله يوم السبت أو غدوته، وقال الآخر: يوم الأحد أو عشيَّتَه، أو في مكان؛ بأن قال أحدهما: قتله في البيت، فقال الآخر: في السوق وفي الآلة؛ بأن قال أحدهما: قتله بالسيف، وقال آخر: بالرُّمْح أو بالعصا، أو في هيئةٍ؛ بأن قال أحدهما: قتله بالحَزِّ، وقال الآخَرُ: بالقَدِّ، لم يَثْبُتِ القَتْلُ، بقولهما، وكذا الحال فيما يشهدان به، ويَخْتَلِفَانِ فيه من الأفعال والألفاظ المنشأة. وهل يكون ذلك لوثاً حتى يُقْسم [فيه] المدعي؟

قال في "المختصر": إنه يكون لوثاً، وذكر أن في بعض نُسَخَ في "المختصر" أنه لا يكون لَوْثاً، وكذلك حكَى عن رواية الربيع، وفيهما طرق ثلاثةٌ، فعن أبي علي بن أبي هريرة وغيره: أن في المسألة قولَيْن:

أحدهما: أنه لا يكون لَوْثاً؛ لأن كل واحد من القولَيْن مُنَاقِضٌ للآخر، فكل واحد من القائلَيْن يكذِّب للآخر، فيندفعان، ولا يتحرَّك به ظنٌّ.

والثاني: أنه يكون لَوْثاً؛ لأنهما متفقان على أصْل القتل، وإن اختلفا في صِفَاتِهِ، وربَّمَا غَلِطَ أحدهما أو نَسِيَ، فقد لا يَشُكُّ في أصل الوَاقِعَةِ، وَيشُكُّ في وقتها وكيفيتها.

وعن أبي إسحاق: القطْعُ بأنه لَوْث، وبَانَ إثبات كلمة "لا" حيث أثبت غلطٌ، وعن أبي سلمة: وابن الوكيل القطْعُ بأنه ليس بلوث، والمصيرُ إلى أن إسقاط كلمة "لا" حيث أسقطت غلَطٌ.

وقال القاضي أبو حامدٍ: إنما أثبت الشافعيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- اللَّوْث فيما إذا شهد أحدهما بالقَتْلِ، والآخرُ على الإقرار بالقتل، فنقل المزنيُّ جوابه إلى هذه المسألة غَلَطاً، واختار الإِمام طريقة القولَيْن، وهي الأعدل. والأظهر من القولَيْن على ما بيَّنهُ في الكتاب، وذكَره صاحب "التهذيب" أنه ليس بلَوْث.

وقوله: "على الصحيح" يجوز أن يريد من القَوْلَيْنِ، ويجوز أن يريد من الطرق.

" فَرْعٌ"

لو شهد أحد الشاهدَيْن "على أنه أقرَّ يوم" السبت بالقتل عمداً أو خطأ، والآخَرُ على أنه أقر يوْمَ الأحد بذلك، ثبت القَتْلُ؛ لأنه لا اخْتِلاَفَ في القَتْلِ، وصفته، وإنما

<<  <  ج: ص:  >  >>