للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولَ الله أرأيت أَحَدَنا صَاد صَيْداً، وليسَ مَعَهُ سِكِّينٌ أنذْبَحُ بالمَرْوَة (١) فقالَ: "أمْرِ الدَّمَ بِمَا شِئْتَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللهِ تَعَالَى" (٢) وأما أن السِّن والظُّفْرَ مُسْتَثْنَيَانِ، فَسَبَبُهُ ما روي عن رَافِع ابن خُدَيْجٍ، قال: قلت: يا رَسُولَ الله إنا لاَقو العَدُوِّ غَداً، وليس معنا مُدىً، فقالَ: "مَا أَنْهَرَ الدَّمُ وذَكَرَ اسْمَ الله عَلَيْهِ فَكُلْ لَيْسَ السِّنَّ والظُّفْرَ وسأحدثك عنه أما السِّنُّ فَعَظْمٌ، وأما الظُّفْرُ فَمُدَى الحَبَشَةِ" ولا فَرْقَ بين عَظْمِ الآدمي وغيرِه، ولا بين المُتَّصِلِ والمُنْفَصِلِ.

وعند أبي حَنِيْفَةَ: يَجُوزُ الذَّبْحُ بالمنفصل.

وعند مالكٍ: يَجُوزُ الذَّبْحُ بالعَظْمِ إذا مَرَّ مَرّاً وعن حكاية الإِمام أبي سليمانَ الخَطَّابِيِّ وَجْهٌ لبعض الأصحاب أن العظم إن كان من مأكول تَجُوز الزَّكَاةُ به (٣)، والظاهر المَشْهُورُ الأَوَّلُ.

ولو ركَّبَ عَظْماً على سَهْمٍ، وجعلَهُ نَصْلاً له، فقتل به صَيْداً لم يحلَّ.

وعن "الحاوي " أن الشَّافِعِيَّ -رضي الله عنه- قال: أَكْرَهُهُ، ولا يتبين لي أنَّهُ يحرم؛ لأنَّهُ لا يَقَعُ عليه اسْمُ سِنٍّ ولا ظُفْرٍ، والصحيحُ الأول، لأنَّهُ عظم.

وقد قال في الخبر الذي سَبَقَ "أمَا السِّنُّ فَعَظْمٌ" فعلل بكونه عَظْماً.

وقولُه: "وجوارح الأسْلِحَة" احترز به عن المُثَقَّلاَتِ التي لا تَجْرَحُ، والمعتبر ما يخرق بذمّتِهِ، أو يقطع بِحَدِّهِ دون ما يَجْرَحُ ويقطع بثقله، ويَجُوزُ إِعْلاَمُ قوله: "إِلا السِّنَّ [والظفر" لما بَيَّنَّا بالميم والواو، وقوله: "أو منفصلاً (٤) " بالحاء].

قال الغَزَالِيُّ: (الثَّانِي: المُثَقَّلاَتُ) وَالَّذي مَاتَ بِهِ حَرَامٌ كَمَا لَوْ رَمَى بِبُنْدُقَةٍ أَوْ أَلْقَاهُ فِي بِئْرٍ فَانْصَدَمَ أَوْ انْخَنَقَ بالأَحْبُولَةِ فَلاَ بُدَّ مِنْ جَارحٍ* وَلَوْ مَاتَ تَحْتَ الكَلْبِ غَمّاً فَفِيهِ قَوْلاَنِ* وَلَوْ مَاتَ بِسَهْمٍ وَبُنْدُقَةٍ أَوِ انْصِدَامٍ بِالأرْضِ أَو تَدَهْوُرٍ مِنْ جَبَلٍ أَوْ وقُوعٍ فِي مَاءٍ أَوِ انْصِدَامٍ بِأَغْصَانِ الشَّجَرَةِ فَهُوَ حَرَامٌ بَلْ لاَ يُعْفَى إِلاَّ عَنْ الانْصِدَامِ بِالأَرْضِ فَإِنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الجُرْحِ لاَ يحْرُمُ لِلضَّرْورَةِ* وَلاَ يَكْفِي كَسْرُ الجَنَاحِ مَعَ الانْصِدَامِ بِالأَرْضِ.


(١) في ز: بالمدرة.
(٢) رواه أبو داود [٢٨٢٤] به، وزاد بعد المروة: وشقة العصا، ورواه أحمد والنسائي [٧/ ٢٢٥] أيضاً، وابن ماجة [٣١٧٧] والحاكم [٤/ ٢٤٠] وابن حبان، ومداره على سماك بن حرب، عن مري بن قطري عنه (تنبيه) شقة العصا بكسر الشين المعجمة أي ما يشق منها، ويكون محدداً، وأمرر براءين مهملتين الأولى مكسورة، وقال الخطابي: صوابه أمر الدم براء خفيفة واحدة، وغلط من ثقلها، وأجيب عن الثقل بأنه يكون أدغم إحدى الراءين في الأخرى على الرواية الأولى. قاله الحافظ.
(٣) وحكى شذوذ هذا الوجه في شرح المهذب وقال: وهو غلط.
(٤) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>