للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرَّافِعِيُّ: المثقّلاَتُ: الآلاَتُ المُثَقَّلةُ إِذا أثَّرتْ بِثِقْلِهَا دَقاً أو خَنْقاً لم يَحِلَّ الحَيَوَانُ وكذا المُحَدَّدُ إذا قتل بثقله، بل لا بد من الجَرْح؛ روى عن عَدِيِّ بن حاتم - رضي الله عنه - قال: سألت رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيدِ المِعْرَاض، فقالَ: "إن قتل بِحَدِّهِ فكل، وأن قَتَلَ بثقله، فلا تأكل" (١) ويروى "إذا أَصَبْتَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وإِذَا أَصَبْتَ بِعُرْضِهِ، فَلاَ تَأْكُلْ (٢)؛ فإنَّهُ وَقِيذٌ.

فيحرم الطير إذا مَاتَ ببَنْدَقَةِ رَمَاهَا إليه خَدَشَتْهُ أو لم تَخْدِشهُ، ولا يَحِلُّ وإن قطعت البَنْدَقَةُ رَأْسَهُ، وكذا الصَيد إذا وقع في البِئْرِ المَحْفُورَةِ [له]، وماتَ بالانْصِدَامِ، أو انْخَفَقَ بالأُحْبُولَةَ المَنْصُوبَةِ له، أو كان رَأْسُ الحَبْلِ في يده، فجره ومات أو مات بسهم لا نَصْلَ فيه، ولا حَدَّ له بدقّه، أو بِثِقْلِ السَّيْفِ.

والطير الضعيف إذا ماتَ بِإصَابَةِ غَرَضِ السَّهْمِ إياه، وَمَا إذا ذُبحَ بِحَدِيدَةٍ كَآلَةٍ لا تقطع، فإنَّ القَطْعَ حينئذٍ يحصل بِقُوَّةِ الذَّابحِ وشدة الاعْتِمَادِ لا بآلة، والمَقْتُولُ بالسَّوْطِ والعَصَا مَوْقُوذٌ مُحَرَّمٌ فلو خَسَقَ فيه حكى القاضي الرُّوَيانِيُّ: أنَّهُ إن كان مُحَدَّداً [يَمُورُ مَوْرَ] (٣) السِّلاَحِ، فهو حَلاَلٌ، وإن كانَ لا يَمُورُ إلاَّ مُسْتَكْرَهاً؛ نُظِرَ إن كانَ العُودُ خَفِيفاً قريباً من السَّهْمِ حَلَّ، وإن كان ثقيلاً، فالأَغْلَبُ أن الثّقْلَ قتله، فيكون مَوْقُوذاً، ثم في الفصل مسألَتَان:

إحداهمَا: إذا لم يجرح الكلبُ الصَّيْد، لكن تَحَامَلَ عليه، وقتلَه بِضَغْطِه، ففيه قولاَن:

أحدُهُمَا: وبه قال أحمدُ، واختاره [المزني] (٤) لا يحلُّ، كما لَو مَاتَ بِثِقْلِ السَّهْمِ والسَّيْفِ والمُثَقّلاَتِ، وكما إذا رأى الكَلْبَ، أو الفَهْدَ فانْشَقَّتْ مَرَارَتُهُ فَزَعاً ومات [أوَ تعب من كثرة العَدْوِ، ومات] (٥) يُدْرِكَهُ الكَلْبُ، وأيضاً فإنَّ الله -تعالَى- سَمَّاها جَوَارح، فينبغي أن يجرح.

وأصحُّهما على ما ذكر الرويانيُ والمُوَفَّقُ بن طاهر: أنه يَحِلُّ؛ لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤] ولأنَّ الجَارِحَةَ تعلم ترك الأكلِ فتَؤُب وقد تفضي بها المَهَارَة فيما تعلم إلى ترك الجرح، ولا يمكن أنْ تكلف بأن تجرح، ولا تأكل بخلاف ما إذا أَصَابَ السَّهْمُ بِعَرضِهِ، فإن ذلك من سوء الرَّمْي، ومن قال بهذا القَوْلِ


(١) قال الحافظ: وروى: إذا أصبت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فلا تأكل، فإنه وقيذ، متفق عليه باللفظ الثاني، وروياه أيضاً باللفظ الأول، إلا قوله: وإن قتل بنصله فلا تأكل.
(٢) تقدم.
(٣) سقط في ز.
(٤) سقط في ز.
(٥) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>