للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في يَده قولَيْن؛ عَلَى قياس مَا مَرَّ في الفاسق، وكُتُبُهُمْ ساكتةٌ عن ذلك إلاَّ ما شاء الله -تعالى (١) -. فإنْ صحَّحنا التقاطَ المكاتَبِ، عَرَّفَ اللُّقْطَةَ وتملَّكها أو يبدلها من كَسْبِهِ، وفي تقديم صاحِب اللَّقَطة بها على سائر الغرماء وجْهان مذكوران في "أمالي" أبي الفَرَج الزاز. وإذا أعْتَقَ في مدَّة التَّعْرِيف، أتم التعريف، وتملَّك، وإنْ عاد إلى الرِّقِّ قبل تمام التَّعْريف، فالنَّقْل أنَّ القاضيَ يأخذُهَا ويحفظُهَا للمَالكِ، وأنَّه ليْسَ للسَّيِّدِ أَخْذُهَا أَوْ تَمَلُّكُهَا؛ لأنَّ التقاطَ المُكَاتَبِ لا يقع للسَّيِّد ابتداءً، فلا ينصرف إلَيْه انتهاءً.

وقال صَاحِبُ "التهذيب": وَجَبَ أنْ يجوز له الأَخذُ والتَّملُّكُ؛ لأنَّ الالتقاط اكتساب، وأكساب المكاتَبِ عنْد عجْزِهِ للسَّيِّد.

قال: وكذا لو مات "المكاتَبُ، أو العبدُ قبل التعْرِيف، وجب أنْ يجوزَ للسيد التعريفُ والتملُّك، كما أنَّ الحُرَّ إذا الْتَقَط، ومَاتَ قبْلَ التَّعْرِيفِ، يُعَرِّف الوارث، ويتملَّك، أمَّا إذا لم نصحِّح التقاطه، فالْتَقَطَ، صار ضَامِناً، ولا يأخذ السَّيِّدُ اللُّقَطَة منْه؛ لأنَّهُ لا وِلاَيةَ له علَى المكاتَبِ، ولكنْ يأخذها القاضي ويحْفَظُهَا، هكذا ذكروه.

ولَكَ أن تقولَ: ألَسْتُم ذكَرْتُمْ تفريعًا على مَنْع الالتقاط في القِنِّ أن للأجنبيِّ أن يأْخُذَهَا منْه، وَيكُونَ مُلْتَقِطاً، ولم يعتبرْ والولاية، وَليْسَ السَّيِّد في حقِّ المُكاتَب بأدنى حالاً مِنَ الأجنبيِّ في القِنِّ، وإذا أخَذَهَا الحاكمُ، برئ المُكَاتَبُ مِنَ الضَّمانِ، ثمَّ كَيْفَ الحُكْمُ؟

ذكر الشيخُ أبو حامدٍ وغيرُهُ: أنَّه يُعرِّفُها، فإذا انقضَت مدَّةُ التَّعْرِيفِ تمَلَّكَهَا المكاتَبُ، والأصحُّ: أنَّه ليس له التملُّك، فإن التّفريعَ عَلَى فَسَادِ الالْتِقَاطِ، ولكِنْ إذا أخذهَا، حَفِظَها إلَى أنْ يَظْهَرَ مالِكُها.

الصورةُ الثَّانيةُ: مَن بعْضُه حُرٌّ، وبعْضُه رقيقٌ، في التقاطِهِ طريقان، كما في حقِّ المكاتَبِ؛ لاستقلاله بالمِلْك والتصرُّف، وقوّةِ ذمَّتِهِ.

قال الشَّاشِيُّ في "المعتمد": ويمكن أنْ بُفصَّلَ، فيُقَالَ: يَصِحُّ التقاطُهُ بقَدْر الحرِّيَّة قولاً واحداً، والطريقان فيما سواه، وهذا الذي أبداه احْتمالاً هُوَ الذي أورده صاحبُ "التتمة". فإن قلْنا: لا يَصِحُّ التقاطُه، فهو متعدٍّ بالأخْذ ضامنٌ بقدْرِ الحرِّيَّة في ذِمَّتِهِ يؤخَذُ منه، إن كان له مالٌ، وبقَدْر الرِّقِّ في رقبته، وذكر القاضي ابنُ كجٍّ وجهَيْنِ في أنَّهُ


(١) وكذا أنكره صاحب الذخائر على الغزالي. وقال: لم أجده في كتب الأصحاب العراقيين التي وقعت إلينا، وما أدري من أين أخذه وهذا قال ابن أبي الدم وصاحب الوافي قال: وكثيراً ما يريد الغزالي بالعراقيين الشيخ أبا حامد لا جميعهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>