يُنْتَزعُ منْه، أو يَبْقَى في يده، ويُضَمّ إليه مُشْرِفٌ، والظاهر الانتزاعُ، ثم وجهَيْنِ على القَوْل بالانتزاع في أنَّهُ يُسلم إلى السيد أو يَحْفَظُه الحاكمُ إلَى ظهور مالِكه. والأظهرُ الثاني: فإن سُلَّم إلى السَّيدِ فعن أبي حَفْص بْنِ الوكيلِ أنَّ السَّيِّدَ يُعَرِّفُهُ ويتملّكَهُ.
قال القاضي: ويُحْتَمَلُ عنْدي أن يُقَال: يكونُ بينهما بحَسَبِ الرِّقِّ والحُرِّيَّة، وان صحَّحناه، فإن لم يكنْ بَيْنَه وبيْن السَّيِّد مهاياة، فاللُّقَطَةُ بينهما يُعَرِّفانِهَا، ويتملكانها بحَسب الرِّقِّ والحرِّيَّةِ وهما كشخصين التقطا مالاً.
وعن ابنِ الوكيل أنَّ السَّيِّدَ يختص بها؛ الحاقاً لِلْقَطَةِ بلُقَطَةِ القِنِّ، وإنْ كانت بينهما مهايأةٌ، فيُبْنَى على أنَّ الأكسابَ النادِرَةَ، هلْ تدخل في المهايأة؛ لأنَّ اللّقَطَة نادرةٌ؟ وفيه قولان، ويُقَال: وجهان؛ لأنَّ القولَيْن ليْسَا بمنصوصَيْن في هذا الأصْل عَلَى إطلاقه، وإنَّما هُمَا في اللُّقَطَةٍ، ثم ألْحق غيرها بها وقد ذكرنَاهُمَا بتوجِيهِهِمَا في زَكَاةِ الفِطْرِ، ومَيْلُ العراقِيِّينَ والصيدلاني في ذلك البابِ إلى ترجيح عَدَمِ الدخول، إنَّهُمْ مع سائر الأصحاب كالمتَّفِقِينَ هاهنا عَلَى ترجيح الدُّخُول، وهو نَصُّهُ في " المختصر"، وعلى هذا، فإنْ وقعتَ اللّقَطَةُ في نَوْبَةِ السَّيِّد، عرَّفَها وتملَّكَها، وإنْ وقعت في نَوْبَةِ العَبْدِ، فكذَلِكَ، والاعتبارُ بيَوْمِ الالتقاطِ لا بوَقْتِ المِلْكِ.
وأشَارَ في "النهاية" إلَى وجه آخَرَ، وهو اعتبارُ وقْتِ التَّمَلُّكِ، وأبْدَى تردُّداً فيما إذا وقَع الالتقاطُ في نَوْبَةِ أحدهما، وانقضاءِ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ في نوبة الآخر، ولا مَعْنَى لهذا التَّردُّدِ، بل الجوابُ يختلفُ بحَسَب التفْريعِ على الوجْهَيْن.
وإن قلْنا: الكَسْبُ النَّادِرُ لا يدخلُ في المُهَايَأَةِ، فالحكُمُ كما لو لم يكنْ بَيْنهما مهايأة (١).
والمُدَبَّر، والمعلَّق عتقُهُ بِصِفَةٍ، وأمُّ الوَلَدِ كالقنِّ في الالتقاطِ، لكنْ حيثُ حكَمْنا بتعلُّق الضمانِ برقبةِ القِنّ، ففي أمِّ الولَدِ يَجِبُ على السَّيِّد، عَلِم التقاطَهَا أو لم يَعْلمْ؛ لأنَّ جنايةَ أُمِّ الوَلَدِ عَلَى سَيِّدها، وفي "الأُمّ" أنَّه إنْ عَلِمَ سيدها، فالضمان في ذِمَّتِهِ، وإن لم يعْلَمْ، ففي ذمَّتها، وهذا لم يُثْبِتوه، وقالُوا: إنَّهُ سَهْوٌ من كَاتِبٍ، أو غَلَطٌ مِنْ ناقلٍ، وربما حَاولوا له تأويلاً، والله أعلم.