للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "الشامل" حكاية مثله عن أحمد، وزاد فقال: الدية ستة أصول الإبل والدراهم والدَّنانير، وسيأتي إن شاء الله -تعالى- تقديرهما ومائتا بقرة ومائتا حلة وألفا شاة، والمراد من الحلّة غالب لباس العرب إزار ورداء (١)، وبه قال أبو يوسف ومحمد ويروى عن أحمد طَرْح الحلل، واحتجّ الأصحاب لتعيين الإبل بظاهر قوله -صلى الله عليه وسلم-: "في النفس (٢) مَائَةٌ مِنَ الإِبِلِ"، وقوله -عليه السلام- في قتيل السّوط والعصا: "مائَة مِن الإِبِلِ".

أما إذا لم توجد الإبل في الموضع الذي يجب تحصيل الإبل منه، أو كانت توجد بأكثر من ثمن المِثْلِ، فالرجوع إلى ماذا؟ فيه قولان:

القديم: وبه قال مالك أنا نرجع إلى بَدَلٍ مقدر، وهو ألف دينار، أو اثنا عشر ألف درهم (٣) لما روي عن مكحول وعطاء قالا: أدركنا النَّاس على أن دية الحرّ المسلم على عَهْدِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مائة من الإبِلِ، فقوّمها عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بألف دينار أو اثني عشر ألف درهم (٤). وروي أنَّه -عليه السلام- قضى في الدِّيَةِ بألف مِثْقَالٍ، أو اثني عشر ألف درهم (٥). وعند أبي حنيفة: الدَّراهم مقدّرة عشرة آلاف.

وذكر القاضي ابن كَجّ أن أبا الحسن حكاه وَجْهاً لبعض الأصحاب، ويدل على


(١) في ز: أن أوردوا.
(٢) في ز: البقر.
(٣) مع القدرة على الإبل وليس كذلك كما ذكره في الخادم، وذكره في الخادم وذكره أيضاً غيره بل عند التقديم لا يترتب إيجاب النقد على عدم الإبل لم يجب ابتداء مع وجودها.
(٤) أخرجه الشَّافعي عن مسلم عن عبيد الله بن عمر عن أيوب بن موسى عن ابن شهاب، وعن مكحول وعطاء به، والواقدي، ورواه البيهقي وروي أيضاً من طريق الشَّافعي عن مسلم عن ابن جريج قال قلت لعطاء: الدية الماشية أو الذهب؟ قال: كانت الإبل حتى كان عمر، فقوم الإبل عشرين ومائة، كل بعير، فإن شاء القروي أعطاه مائة مائة، ولم يعطه ذهباً، كذلك الأمر الأول، وفي المراسيل لأبي داود من طريق ابن إسحاق عن عطاء أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى في الدية على أهل الإبل مائة من الإبل، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاة ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة، ثم أسنده من طريق أخرى عن ابن إسحاق عن عطاء عن جابر مرفوعاً. قاله الحافظ في التلخيص.
(٥) أما قضاؤه في الدية بألف دينار فهو في حديث عمرو بن دينار الطويل وأما قضاؤه في الدية باثني عشر ألفاً، فهو حديث ابن عباس بعينه وقد رواه أصحاب السنن من حديث عكرمة، واختلف فيه على عمرو بن دينار، فقال محمد بن مسلم الطائفي عنه عن عكرمة هكذا، وقال ابن عيينة عن عمرو بن دينار مرسلاً، قال ابن أبي حاتم عن أبيه: المرسل أصح، وتبعه عبد الحق، وقد رواه الدارقطني من حديث محمد بن ميمون عن ابن عيينة موصولاً، قال محمد بن ميمون، وإنما قال لنافيه ابن عباس مرة واحدة، وأكثر ذلك وإن يقول عن عكرمة، ورواه عبد الرزاق في مصنفه عن ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة مرسلاً، قال ابن حزم: وهكذا رواه مشاهير أصحاب ابن عيينة. قاله الحافظ في التلخيص.

<<  <  ج: ص:  >  >>