للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان الاعتبار بإبل الدية، أو القبيلة، فلو كانت إبل الموضع من نوعين أو أكثر ولا غالب فيها، فالخِيَرَةُ إلى المُعْطِي. كذلك حكاه الإِمام وإن اعتبرنا (١) إبل مَنْ عليه، فلو تنوّعت إبله فوجهان:

أحدهما: يؤخذ من الأكثر، فإن استويا (٢) أعطي ما شاء.

والثاني: يؤخذ من كل (٣) يقسطه إلا أن يتبرع فيعطي الكُلّ من الأشرف (٤)، وإن أراد أن يعطي من شيء آخر سوى ما في بلدته أجبر (٥) المستحقّ على القبول إذا كان من غالب إبل البلدة، أو القبيلة. قاله في "التهذيب"، والوجهان مَبْنِيَّان على القولين في الزَّكَاة، إذا تنوع النِّصَاب نوعين فصاعداً، وإذا كانت الإبل تُبَاع بأكثر من ثَمَنِ المِثْلِ لم يجب تحصيلها، وكانت كالمعدومة (٦).

الرَّابعة: إذا كانت الإبل موجودةً، وعدل من عليه ومستحقّها إلى القيمة أو غيرها بالتراضي جاز كما لو أتلف مثليّاً، وتراضياً على أَخْذِ القيمة مع وجود المثل (٧)، وقال (٨) صاحب البيان: هكذا أطلقوه، وليكن ذلك مبنياً على أنَّه يجوز الصُّلح عن إبل الدية، وإن أراد أحدهما العدول عن الإبل لم يُجْبَر الآخر عليه. وعن أبي حنيفة إذا عدل الجَانِي إلى الدراهم أو الدنانير المقدرة على ما سيأتي إن شاء الله -تعالى- وجب على المستحقّ القبول. والدية أحد ثلاثة أشياء: الإبل والدراهم والدنانير.

وعن أبي الطَّيب بن سلمة وغيره أن على القول القديم، وهو الرجوع إلى المقدّر عند إعواز الإبل على ما سنذكر على الأثر إن شاء الله تعالى يتخير الجَانِي بين الثلاثة، كما قال أبو حنيفة.


(١) في ز: اعتدنا.
(٢) في ز: استوت.
(٣) في ز: يوجد موكل.
(٤) سكت الشيخ عن الترجيح.
قال في الخادم: قضية ما ذكره آخراً من البناء على ترك الزكاة ترجيح الثاني وهو ما قال الروياني في البحر أنَّه الأقيس. وقال ابن أبي عصرون في الانتصار: إنه الأصح لكن جزم في التتمة بأنه لا يكلف ذلك بخلاف الزكاة لأنها واجب للمال.
(٥) في ز: أخذ.
(٦) في ز: كالمقدومة.
(٧) الأصح عدم صحة الصُّلْح عن إبل الدية، فعلى هذا فالمذكور على وجه مرجوح.
قال الأذرعي في القوت: صرح إبراهيم المروذي في باب الصُّلْح بالبناء الذي أبداه العمراني تفقهاً وحمل صاحب المطلب المذكور هنا على أن يكون في حال العلم مع العلم بأسنانها ومقاديرها، فإن الغزالي في كتاب الصُّلْح قال في هذه الحالة أنَّه يصح جزماً، وحكى الخلاف في حالة الجهل بالصفة، ولم يرتض الشيخ البلقيني ما ذكره في المطلب.
(٨) في ز: وأن.

<<  <  ج: ص:  >  >>