ما أراد، وإن لم يَنْو شيئاً فواحدة وأنَّه لو قال: أنتِ طالقٌ، حتى تتم ثلاثٌ، ففيه وجهان:
أحدهما: أنَّه تقع ثلاثاً، وبه قال: أبو حنيفة -رحمه الله-.
والثاني: يُرْجَع إليه، فإن لم ينوِ شيئاً، فتقع واحدة، ويقرب منْه ما إذا قال: أنتِ طالقٌ حتى أكمل ثلاثاً أو أوقع عليك ثلاثاً، وأنه لو قال: أنتِ طالقٌ ألواناً من الطَّلاق، فيُرْجع إلى نيته، فإن لم يَنْوِ شيئاً، وقَعَت واحدة، وأنَّه لو قال: يا مطلَّقة، أنت طالقٌ، وكان قد طلَّقها قَبْل ذلك، فقال أردتُّ تلْكَ الطلقة، يُقْبَل قوله، أو يقع طلقة أخْرى؟ فيه وجهان، وأنه لو قال: أنتِ طالقٌ ثلاثاً أوْ لا بإسكان الواو لا يقع شيْءٌ؟ قال في "التتمة" هو كما لو قال "هل أنت طالقٌ ولو قال أوْ لا أنتِ طالقٌ، بتشديد الواو، وهو يعرف العربية، يقع الطلاق، والمعنى أنْتِ أوَّلٌ في الطلاق، وذكر إسماعيل البوشنجي أنَّه لو قال لإِحْدى نسائه: أنْتِ طالقٌ، وفلانة أو فلانة، فإن أراد ضمَّ الثانية إلى الأُولى فهما حزب والثالثة: حزب والطلاق مردّد بين الأوليين والثالثة، فإن عين الثَّالثَة: طُلِّقت وحدها، وإن عيَّن الأوليين أو إحداهما طُلِّقَتَا، وإن ضَمَّ الثانية إلى الثالثة، وجعلهما حزباً، والأولى حزباً طلقت الأُولَى وإحدى الأخريين، والتعيين إليه، وهذا الضم والتخريب يعرف من قرينة الوقْفة والنغمة على ما ذَكرْنا في صيغ التعيين، فإن لم تُوجَدْ قرينةٌ قال: الذي أراه أن يفصل إن كان الرجُل عرافاً بالعربية، فقضية الواو العاطفة الجَمْع بيْن الأولى والثانية في الحُكْم، فيجعلان حزباً واحداً، والثَّالثة حزباً، وإن لم يكن عارفاً بها فتُطَلَّق الأُولَى بيقين ويخيّر بين الأخريين، للشَّكِّ، وأنه إذا قال: أنْتِ طالقٌ ثلاثاً إلا نصفاً، يراجع، ولو قال عنيت إلا نصفَها، تقع طلقتان، وإن قال إلا نصْفَ طلقة طُلِّقت ثلاثاً، ويجيْء الوجه الذاهب إلى أن استثناء النِّصْف كاستثناء الكُلِّ، وإن قال: طَلَّقْت ولم أنْوِ شيئاً، حمل على استثناء النِّصْف من الجميع، وأنه لو قالت له امرأته: طلِّقني وطلِّقني وطلِّقني، فقال: طلَّقتك أو قد طلَّقْتك، إن نوى الثلاث، تقع الثلاث، وإن نوى واحدةً وقعَتْ واحدة، وإن لم ينوي شيئاً فالقياس أن تقع واحدة، وكذا لو قالت طلِّقني طلِّقني طلِّقني، فقال: طلَّقْتك أو قد طلَّقتك أو قَالَتْ: طلِّقْني ثلاثاً، فقال أنتِ طالقٌ أو طلقتك أو قد طلقتك، وأنَّه لو طلقها طلقة رجعيَّة، ثم قال: جعلتها ثلاثاً، فهو لغْوٌ لا يقع به الثلاث؛ لأنَّه تصرُّف في طلاق قد قضى ونفذ.
وقال: أبو حنيفة يقع الثلاث، وأنَّه لو قال: لنسائه الأرْبَع، وقد جلَسْن صفاً: الوُسْطَى منكن طالقٌ، فعن أصحاب أبي حنيفة أنَّه لا يقع الطَّلاق على واحدة منْهن، لأنَّه ليس للأربع وسْطَى قال فيه وجهان، ولم يزد على هذا، والمفهوم مما أجْراه في المسألة أنَّ أحد الوجهين يوافق مذهبهم.