وإلاَّ رفع الأمر إلى القاضي ليقسم. ونقل الصَّيْدَلاَنِيّ وجهاً: أنه لا حاجة إلى إذن الشريك في المتماثلات؛ لأن قسمتها قسمة إجبار، والمذهب الأول.
فلو قاسم المرتهن وهو مأذون من جهة المالك أو الحاكم عند امتناع المالك جاز، وإلاَّ فلا، وإذا منعناها فلو رضي المرتهن، فالمفهوم من كلام المعظم صحتها.
وقال الإمام: لا يصح وإن رضي؛ لأن رضاه إنما يؤثر في فك الرَّهْن، أما في بيع الرَّهْن بما ليس برهن ليصير رهناً فلا، وهذا إشكال قوي (١).
وقوله في الكتاب:"له أن يستقسم المرتهن بعد إذن الشريك الآخر"، يوافق اللفظة الَّتي نقلناها عن الشَّافعي -رضي الله عنه- والقسمة في الحقيقة إنما تجري مع الشريك، لأنه المالك، لكن لما كان المرهون في يد المرتهن، وكان فصل الأمر معه أهون، حسن القول بأنه يقاسمه بإذن المالك.
وقوله:(بناء على الأصح) سيأتي في موضعه في أن حكم القسمة في مثل هذا حكم الإفراز، يعني بقوله في مثل هذا المكيلات والموزونات ونحوهما، وفيه النص الذي نقلناه وقد بين ذلك في "الوسيط"، وكان في خاطره إلاَّ أنه أغفل ذكره، ثم القول بأن الأصح فيها قول الإفراز غير مساعد عليه على ما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى، ثم أطبقوا على تجويز القسمة هاهنا وجعلوا تأثير قولنا: إنها بيع في افتقارها إلى إذن المرتهن، والله أعلم.
ولو أراد الراهنان القسمة قبل انفكاك شيء من المرهون، فعلى التفصيل الَّذِي بيناه، ولو رهن واحد من اثنين، وقضى نصيب أحدهما، ثم أراد القسمة ليمتاز ما بقي فيه الرَّهْن، ففي اشتراط رضي الذي بقي رهنه ما ذكرناه، والله أعلم.
قال الرَّافِعِيُّ: وجه انتظام هذه المسائل في هذا الموضع أن الدين تارة يقضي من غير المرهون، وأثره الانفكاك على ما قررناه، وتارة يقضي منه بأن يباع فيه، وقد مرّ
(١) قال النووي: ليس بقوي لمن تأمله، ولا يسلم الحكم الذي ادّعاه فالمعتمد ما قاله الأصحاب. ينظر الروضة ٣/ ٣٤٩.