للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني -وهو القديم، وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله-: أن وقتَها طلوعُ الفَجْرِ يومَ العِيدِ؛ لأنَّهَا قُرْبة مُتَعَلَّقَةٌ بِالْعِيدِ فلا يتقدم وَقْتُهَا عَلَى الْعِيدِ كَالأُضْحِيَةِ (١).

وعن مالك روايتان كالقولين:

والثَّالِثُ: أنها تجب بمجموع الوقتين لِتَعَلُّقِهَا بِالْفِطْرِ والعِيْدِ جَمِيعاً (٢).

قال الصَّيْدَلاِنِي: وهذا القولُ خَرَّجَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، واسْتَنْكَرَهُ الأَصْحَابُ.

التفريع: لو نَكَحَ امْرَأَة أو مَلَكَ عَبْدًا أو أَسْلَمَ عَبْدُهُ الْكَافِرُ، أو وُلِدَ لَهُ وَلدٌ فِي لَيْلَةِ الْعِيدِ لَمْ تَجِبْ فطرتُهُمْ عَلَى الْجَدِيدِ ولا على الْقَولْ الثَّالِثِ.

وتجب على القديم، ولو مات عَبده أو وَلَدُه أو زَوْجَتُهُ لَيْلَةَ العِيدِ، أو بَتَّ طَلاَقَهَا أو ارتد عَبْدُهُ لَمْ تَجِب فطرتهم على القديم، وَلاَ عَلَى القَوْلِ الثَّالِثِ، وتجب على الجديد، وكذا الحكم لو أسلم كَافِرُ قَبْلَ الغُرُوبِ وَمَاتَ بَعْدَه [وجبت فطرتهم (٣) على الجديد ولا تجب على القديم ولا على القول الثاَلث] وَلَو طَرَأَتِ الأحْوَالُ المَذْكُورَة بَعْدَ الْغُرُوبِ وزَالَتْ قبل طُلُوعِ الفَجْرِ فَلاَ فطرة على الأَقْوَالِ كُلِّها.

وَلَو زال المِلْكُ عَنِ الْعَبْدِ بَعْدَ الغُرُوبِ ثُمَّ عاد قبل طُلُوعِ الفَجْرِ وَجَبَتْ الفَطْرَةُ عَلَى الجَديد والقَدِيم.

وأما عَلى القَوْلِ الثَّالِثِ ففيه وجهان حَكَاهما في "النِّهَايَةِ" وقال: هما ملتفتان على أن الوَاهِب هَلْ يَرْجَعُ فِيمَا زَالَ مِلْكُ الْمُتَّهِب عنه ثم عاد، وَلَهُ نَظَائِرُ نَذْكُرهَا فِي مَوَاضِعِهَا، ونَشْرَح فِيهَا الوجهين، ولو بَاعَ بَعْدَ اَلغُرُوب عَبْدَة واسْتَمَر مِلْكُ المُشْتَرِي فِيهِ فَالْفِطْرَةُ عَلَى الجَدِيدِ عَلَى البَائِعِ، وعلى القديم عَلَىَ المُشْتَرِي، وعلى الثَّالِثِ لا تَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ منهما.

وَلَوْ مَاتَ مَالك العَبْدِ لَيْلَة العِيدِ، فَالْفِطْرَةُ وَاجِبَةٌ فِي تَرِكَتِهِ عَلَى الجديد، وهي على الوارث على الْقَدِيم، وعلى الثَّالِثِ لاَ تَجِبْ أَصْلاً، وذكر في "النِّهَايَةِ" أن الشَّيْخَ أَبَا عَلِيِّ حَكَى وَجْهاً فِي وُجُوبِهَا عَلَى الوَارِثِ، تَفْريعاً عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ، بِنَاءً عَلَى القَدِيمِ فِي أَنَّ حَوْلَ الوَارِثِ يُبْنَى عَلَى حَوْلِ المُورَثِ.


(١) قاله النووي: [واعترض عليه بأن وقت الأضحية إذا طلعت الشمس ومضى قدر ركعتين وخطبتين خفيفتين لا الفجر].
(٢) [وعلى الأول لا بد من إدراك جزء من رمضان مع الجزء المذكور. قال الأسنوي: ويظهر أثر ذلك فيما إذا قال لعبده: أنت حر مع أول جزء من ليلة العيد أو مع آخر جزء من رمضان، أو قاله لزوجته أي قاله بلفظ الطلاق أو كان هناك مهايأة في رقيق بين اثنين بليلة ويوم أو نفقة قريب بين اثنين كذلك، وما أشبه ذلك فهي عليهما لأن وقت الوجوب حصل في نوبتها].
(٣) سقط في ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>