للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالرِّحَابِ الأبنيةُ الخارجةُ عن حَدِّ المسجد (١).

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَالسَّابِقُ في الرِّبَاطَاتِ وَغَيْرِهَا إِلَى بُقْعَةٍ يَخْتَصُّ بِهَا، ثُمَّ إنْ طَالَ عُكُوفُهُ عَلَى هَذِهِ الانْتِفَاعَاتِ المُشْتَرَكَةِ وَصَارَ كَالتَّمَلُكِ الَّذِي أَبْطَلَ أَثْرَ الاشْتِرَاكِ فَفِي الإزْعَاجِ خِلاَفٌ (و).

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الرِّبَاطاتُ المسبلة في الطُّرُقُ، وعلى أطراف البلاد، إذا سَبَقَ إلَى موضع منْها سابقٌ، صار أحقَّ به، وليْسَ لغيره إزعاجُه، سَواءٌ دخل بإذن الإمامِ، أو بغير إذْنِه، ولا يَبْطُلُ حُقِّهُ بالخُروج لشراءِ طعامٍ ونحوه، ولا يلزمه تخليفُ أحدٍ في الموضع، ولا أنْ يَتْرُكَ متاعَهُ فيه؛ لأنَّه قد لا يَجِدُ غيره، ولا يأْمَنُ على متاعه، ولو ازْدَحَمَ اثنانِ عَلَى موضِعٍ، ولا سَبْق، فعلَى ما ذكرنا في المقاعد، وكذلك الحكم في المدارس، والخوانق إذا نزلها منْ هو مِنْ أهلها، وإذا سكنَ بَيْتاً منها مُدَّة، ثم غاب أيَّاماً قليلةً، فهو أحقُّ إذا عاد؛ لأنَّهُ ألفه، وإنْ طالتْ غَيْبتُهُ، بَطَلَ حقُّهُ (٢)، والنازِلُونَ في مَوْضِع من البادية أحقُّ به، وبما حوالَيْه قدْرَ ما يحتاجون إلَيْه لِمَرَافِقِهِم، ولا يزاحمون في الوادي الذي سرَّحُوا إليه مواشِيَهم، إلاَّ أنْ يَكُونَ فيه وفاءٌ بالكُلِّ، وإذا ارتحلوا، بَطَلَ اختصاصُهُمْ، وإنْ بَقِيَ آثار الفساطيط ونحوُها (٣).

وقوله: "إن طال عكوفه على هذه الانتفاعات المشتركة، وصار كالتملك الذي أبطل أثر الاشتراك ففي الازعاج خلاف" يعني المرتفق بالشوارع والمساجد إذا طال العكوف عليها فأخذ الوجهَيْن: أنَّهُ يزعج؛ ليظهر الفَرْق بين المشتركات والأَمْلاَكِ المختصَّة بالمُلاَّك.


(١) قال النووي: قال الماوردي في "الأحكام": إن حريم الجوامع والمساجد، إن كان الارتفاق به مضراً بأهل المساجد، منع منه، ولم يجز للسلطان الإذن فيه، وإلا، جاز. وهل يشترط فيه إذن السلطان؟ وجهان.
(٢) قال النووي: والرجوع في الطول إلى العرف. ولو أراد غيره النزول فيه في مدة غيبة الأول على أن يفارقه إذا جاء الأول، فينبغي أن يجوز قطعاً، أو يكون على الوجهين السابقين في الموضع من الشارع. ويجوز لغير سكان المدرسة من الفقهاء والعوام دخولها، والجلوس فيها، والشرب من مياهها، والاتكاء والنوم فيها، ودخول سِقايتها، ونحو ذلك مما جرى العرف به. وأما سكنى غير الفقهاء في بيوتها، فإن كان فيه نص من الواقف بنفي أو إثبات، اتُّبع، وإلا، فالظاهر منعه، وفيه احتمال في بلد جرت به العادة.
(٣) قال النووي: ولو أرادت طائفة النزول في موضع من البادية للاستيطان، قال الماوردي: إن كان نزولهم مضراً بالسابلة، منعهم السلطان قبل النزول أو بعده. وإن لم يضر، راعي الأصلح في نزولهم ومنعهم ونقلِ غيرهم إليها. فإن نزلوا بغير إذنه، لم يمنعهم، كما لا يمنع من أحيا مواتاً بغير إذنه، ودبرهم بما يراه صلاحاً لهم، وينهاهم عن إحداث زيادة إلا بإذنه. ينظر: الروضة ٤/ ٤٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>