قال الرافعي: أصل الفرع أن سهو المأموم يحمله الإمام، وهذه قاعدة شرحناها في "باب سجود السهو" إذا تذكرت ذلك فنقول: إذا سها بعض المأمومين في صلاة ذات الرقاع على الرواية المختارة فينظر، إن سهت الطائفة الأولى فسهوها في الركعة الأولى محمول؛ لأنها مقتدية بالإمام، وسهوها في الثانية غير محمول؛ لانقطاعها عن الإمام، وما مبدأ الانقطاع؟ فيه وجهان، حكاهما الإمام عن شيخه:
أحدهما: أن مبدأ الانقطاع الاعتدال في الركعة الثانية؛ لأن القوم والإمام جميعاً صائرون إلى القيام، فلا تنقطع القدوة ما لم يعتدلوا قائمين.
والثاني: أن مبدأ الانقطاع رفع الإمام رأسه من السجود الثاني؛ لأن الركعة تنتهي بذلك، فعلى هذا لو رفع الإمام رأسه وهم بعد في السجود، وفرض منهم سهو لم يكن محمولاً، ولك أن تقول: قد نصوا على أنهم ينوون المفارقة عن الإمام، وأنه يجوز ذلك عند رفع الرأس وعند الاعتدال كما سبق، وإذا كان كذلك فلا معنى لفرض الخلاف في أن الانقطاع يحصل بهذا أو بذاك، فإنه ليس شيئاً يحصل بنفسه، بل هو منوط بنية المفارقة، فوجب قصر النظر على وقتها.
وأما الطائفة الثانية فسهوها في ركعتها الأولى محمول أيضاً؛ لأنها على حقيقة المتابعة، وفي سهوها في الركعة الثانية وجهان:
أحدهما -وينسب إلى ابن خيران وابن سريج-: أنه غير محمول؛ لأنهم منفردون به في الحقيقة.
وأصحهما: أنه محمول؛ لأن حكم القدوة باقٍ بدليل أنهم مقتدون به إذا حصلوا معه في التشهد، وإلا لما كان لانتظاره إياهم معنى، وإذا كان كذلك فلولا استمرار حكم القدوة لاحتاجوا إلى إعادة نية القدوة إذا جلسوا للتشهد، ولا يحتاجون إليها والوجهان جاريان في المزحوم في الجمعة إذا سَهَا في وقت تخلفه، وأجروهما أيضاً فيما كان يصلي منفرداً فَسَهَا في صلاته، ثم اقتدى بإمام وجوزنا ذلك على أحد القولين، واستبعد الإمام إجراء الخلاف في هذه الصورة، وقال: الوجه القطع بأن حكم السّهْوِ لا يرتفع بالقدوة اللاَّحقة، فإن السهو كان أو هو منفرد لا يخطر له أمر القدوة، فلا ينعطف حكمهما على ما تقدَّم من الانفراد، وقوله:(لأنهم سيلحقون بالإمام) يجوز أن يريد به التحاقهم في الصورة مصيراً إلى أن حكم القدوة مستمر في الحال، ويجوز أن يريد به