للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفة: تستأنِفُ العدَّة، ويكمل مهرها، والله أعلم.

وأما لفْظ الكتاب فقوله "إذا راجعها ثم طلَّقها" يعني قبل أن يَمَسَّها، وفي تصريحه بذلك في مسْألة البائنة بعْده ما يفهم.

وقوله: "يكفيها بقيَّة العدة السابقة" ليعلم بالحاء وفي قوله "فالصحيح أنها لا تستأنِفُ" يمكن حَمْله على الصحيح من الطريقَيْن كما اختاره مختارون، وبمكن حمله على الصحيح من القولَيْن، جواباً على طرد الخلاف، وقوله فيما إذا وضعت بعد الرجعة ثم طلَّقها، "وقيل سقطت عنها البقية للتعذر" يجوز أن يقال معناه: إن البقية كان من حقِّها أن لا تكون في صلْب النكاح، فإذا وقعَتْ فيه، وتعذَّر تداركها، سَقَطَت، ولم يبق شيء تبنيه على ما مضى.

وقوله "أما إذا راجع الحائل في القرء الثالث" لما تأخَّرت الصورة عن الكلام في الحامل، احتاج إلى لَفْظ الحائل، ولو تقدَّمت عليه، لكان أحْسَنَ من تفرعه على قوْل البِنَاء، وإن لم يتعرَّض لفْظ الكتاب له، وأما على قول الاستئناف، فعليها ثلاثة أقراء أخرى.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الخَامِسُ) إِذَا خَالَعَ المَمْسُوسَةَ ثُمَّ جَدَّد وَوَطِئَ وَخَالَعَ انْدَرَجَتِ البَقِيَّةُ الأُولَى تَحْتَ هَذِهِ العِدَّةِ* وَإِنْ مَاتَ فَهَلْ تَنْدَرجُ تِلْكَ البَقِية تَحْتَ عِدَّةِ الوَفَاةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: ذكرنا الآن أنه إذا خَالَع الممسوسة، ثم جدَّد نكاحها ومسَّها، ثُمَّ طلَّقها أو خالَعَها (١) ثانياً، يلزمها استئناف العدَّة، ويدخل في العدة المستأنفة بقية العدة السابقة على قياس ما ذكَرْنا فيما إذا طلَّق ثم وطئ في (٢) العدَّة في الصورتين جميعاً مِن شَخْص واحد، ولو مات هاهنا بعد التجديد، فقد حكى صاحب الكتاب وجهَيْن في اندراج تلْك البقية تحْت عدة الوفاة؛ لأن عدَّة الطلاق وعدة الوفاة مختلفا الجنْس (٣)، وهما كالوجهَيْن في التداخُل فيما إذا وطئ الزوْجُ المعتدَّةَ عن الطلاق، كانت إحدى العدتين بالحمل، والأخرى بالأقراء، واعلم أن نصْب الوجهين في الاندراج وعَدَمِه يُشْعر بلزوم البقية، ورد النظر إلى أنها هل تَدْخُل في عدَّة الوفاة؟ والذي أورده صاحب


(١) في أ: وبائناً.
(٢) في ز: و.
(٣) ظاهره أن المراد اختلاف جنس العدة لا اختلاف سببها وبه صرح في الذخائر وحينئذ فينبغي التفصيل بين أن تكون عدَّة الطلاق بالأشهر فلا يجري خلاف لأن العدتين من شخص واحد وإن لم يكن بالأشهر يكون على الخلاف المتقدم في تداخل العدتين، وعلى هذا فيحتاج للفرق بينه وبين ما إذا راجعها ثم فسخ نكاحها فإن فيه طريقة قاطعة بأن الفسخ ليسى كالطلاق لأنه ليس من حبسه وهذا الطريق أظهر عند الروياني.

<<  <  ج: ص:  >  >>