للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسواق. ولو لم يهلك العبد المغصوب، لكنه أبق أو عيْبَّه الغاصب، أو ضلَّت الدابة أو ضاع الثوب، فللمالك أن يضمنه القيمة في الحال لحصول الحيلولة، ولزوم الضرر والاعتبار بأقصى القيم من يوم الغصب إلى يوم المطالبة (١)، وليس للغاصب أن يلزمه قبول القيمة؛ لأن قيمة الحيلولة ليست حقًّا ثابتاً في الذمة حتى يجبر على قبوله، والإبراء عنه، بل لو أبرأه المالك عنها لم ينفذ.

وعن بعض الأصحاب: تنزيلها منزلة الحقوق المستقرة، ثم القيمة المأخوذة يملكها المالك، كما يملك عند التلف، وينفذ تصرفه فيها، ولا يملك الغاصب المغصوب، كما لا يملك نصف العبد، إذا قطع إحدى يديه وغرم، فإذا ظفر بالمغصوب، فللمالك استرداد، ورد القيمة، وللغاصب رده واسترداده القيمة، وهل له حبس المغصوب إلى أن يسترد القيمة؟.

ذكر في الكتاب أن له ذلك، وهذا حكاه القاضي حُسَيْن عن نص الشافعي -رضي الله عنه- كما حكى ثبوت الحبس للمشتري في الشراء الفاسد، لاسترداده الثمن لكن تقدم في "البيع" ذكر الخلاف في ثبوت الحبس للمشتري، وبينما أن الظاهر المنع، ويشبه أن يكون حبس الغاصب في معناه، والمنع هو اختيار الإمام في الصورتين، إذا كانت الدراهم المبذولة باقة بعينها في يد المالك فللشيخ أبِي مُحَمَّدٍ تردد في أنه هل يجوز للمالك إمساكها، وغرامة مثلها، أم لا (٢).

وإذا اتفقنا على ترك التراد، فلا بد من بيع ليصير المغصوب للغاصب (٣).

وقوله في الكتاب "ردت القيمة" معلّم -بالحاء- لأن عنده تملك العبد بالضمان، فلا رد ولا استرداد، وساعدنا في المدبّر، وفيما إذا اختلفا في القيمة، وغرمناه، ما اعترف به، ثم تبين عند الظفر بالمغصوب أنها كانت أكثر.

واعلم أن التضمين في صورة الاتفاق وغيرها لا يختص بالمتقومات، وإن أورده في هذا القسم، بل ضمان الخيار ثابت في كل مغصوب خرج من يد المالك،


(١) قال الأسنوي: وينبغي إذا زادت القيمة بعد هذا أن يطالب بالزيادة؛ لأنه على ملكه، ويملكها المالك كما يملكها عند التلف، فينفذ تصرفه فيها، ولا يملك الغاصب المغصوب كما لا يملك نصف العبد إذا قطع إحدى يديه وغرم، والمراد كما قال القاضي وغيرهما أنه يملكها ملك قرض؛ لأنه ينتفع بها على حكم ردها أو رد بدلها عند رد العين.
(٢) الأقوى أنه لا يجوز كما صرح النووى في زوائد. ينظر الروضة ٤/ ١١٧.
(٣) أما لو اتفقا على ذلك قبل رده، قال الزركشي: فجائز بالاتفاق. قال الإمام: ولا حاجة إلى عقد. وقال الشيخ زكريا: ويوجه بأن القيمة حيينئذ على ملك المالك، فكفى فيما ذكر ذلك بخلافها بعد رده.

<<  <  ج: ص:  >  >>