للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الدخول، كما لا يُتَصَوَّرُ بعد الموت، ثم ذكر المتَوَلِّي أن فائِدَةَ الخلاف تَظْهَرُ في المُفَوَّضَةِ إذا مات زوجها، إن قلنا: إن الموت مقرر، فتستحق مَهْرَ المِثْلِ، وإلا فلا، وليس لهذا البِنَاءِ وضُوحٌ، فإن التقرير إنما (١) يُطْلَقُ عند سَبْقِ الواجب، فلا يلزم من كون المَوْتِ مُقَرَّرًا وُجُوبُ المَهْرِ في صورة التفويض، إذا لم يكن هناك وُجُوبٌ سابق.

واعلم أن القول بأن مَوْتَ أحد الزوجين مُقَرِّرٌ للمهر، وإن كان مُطْلقاً لكن صورة قَتْلِ السَّيِّدِ الأَمَةَ مُسْتَثْنَاةٌ منه على الظاهر.

ومنهم من أَلْحَقَ بهذه الصُّورَةِ غيرها على ما بَيَّنَاهُ في موضعه (٢).

وأما الخَلْوَةُ بلا وَطْءٍ، فالقول الجَدِيدُ أنها لا تُؤَثرُ في المَهْر حتى لو طَلَّقَها بعد جَرَيانِ الخَلْوَةِ لم يجب إلا نِصْفُ المَهْرِ؛ لقوله تعالى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} ولا مَسِيسَ, ويروى عن ابْنِ مَسْعُودٍ, وابن عباس -رضي الله عنهما- أنهما قالا: "ليس لهذه إلا نِصْفُ الصَّدَاقِ".

وعلى هذا القول لو اتَّفَقَا على الخَلْوَةِ وادَّعَتِ المَرْأَةُ الإِصَابَةَ لم يَتَرجَّحْ جانبها بِالخَلْوَةِ، ويكون القول قَوْلَهُ مع يمينه.

وعلى القديم الخَلْوَة مُؤَثِّرَةٌ، وفي أَثَرِها قولان:

أحدهما: تصديق (٣) المَرْأَةِ إذا ادَّعَتِ الإِصَابَةَ، ولا يتقرر المَهْرُ بمجردها وبهذا قال مالك -رضي الله عنه-، إلا أنه يُرْوَى عنه أن المَرْأَةَ إنما تُصدَّقُ بيمينها إذا جرت الخَلْوَةُ في دَارِه، أو جرت في دَارِهَا، وطال الزَّمَانُ دون ما إذا جرت في دارها، ولم يَطُل الزَّمَانُ، وعندنا لا فَرْقَ على هذا القول.

وأظهرهما: أنها كالوَطْءِ في تقرير المَهْرِ، وكذا في إيجاب العِدَّةِ، وبه قال أبو حَنِيْفَةَ، وأحمد -رضي الله عنهما- لما رُوِيَ عن عمر، وعلي -رضي الله عنهما- أنهما قالا: "إذا أَغْلَقَ باباً وأَرُخَى سِتْراً فلها الصَّدَاقُ كامِلاً، وعليها العِدَّة" وعلى هذا ففي الرَّجْعَةِ وجهان:

أظهرهما: ثبوتها أيضاً.

والثاني: المَنْعُ، وبه قال أبو حَنِيْفَةَ، وهل يشترط في تقرير الخَلْوَة المَهْرَ أَلاَّ يَكُونَ


(١) في ب: التفريط بها.
(٢) خرج بالوطء والموت وغيرهما فلا يستقر فيما دون الفرج، ولا باستدخال مني، ولا بإزالة بكارة بغير آلة الجماع كما سيشير المصنف.
(٣) في ب: أن أثرها لصديق.

<<  <  ج: ص:  >  >>