للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: إذا لم يتَّفِقا علَى شَيْءٍ، واتفق الزوْجُ علَى أن إسلامي سبق، والزوجة على أنَّ انْقِضَاءَ عِدَّتِي سَبَقَ، فالنَّصُّ أن الْقَولُ قولُ الزوج، ونص فيما إذا ارتدَّ الزوج، ثم عَادَ إلَى الإسْلاَمِ واختلفا، فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ عَادَ في الْعِدَّةِ، وادَّعَتِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ قبل عوْدِهِ إِلىَ الإِسْلام، وفيما إذا اختلف الزَّوْجَانِ في الرجْعَة وانقضاء العدَّة.

فقال: راجَعْتُكِ في عدَّتِكِ.

وقالت: بَلْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِي؛ أن القوْلَ قول الزوجة.

وللأصحابِ طَرِيقَانِ:

أحدهما: التَّصَرُّفُ في الجوابَيْنِ، وجعل المسائل على قولَيْن، وَبِهِ قَال الْقَاضِيَانِ أَبُو حَامِدٍ وَأَبُو الطَّيَّبِ:

أحد القولَيْن: تصديق الزوج، وَالأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ.

والثَّاني: تصديق الزوجة؛ لأن الأصْلَ عدم الإِسْلاَم والرَّجْعَة.

وأصحُّهما: تنزيلُ النَّصَّيْن علَى حَالَيْن، واختلف القائِلُونَ به.

قَالَ بَعْضُهُم: حيثُ قال: القول قول الزوج، أراد ما إذا اتفقا على وقت الإِسلام، واختلفا في أنَّ الْعِدَّةِ، هل انقضَتْ قبله؟ وكذلك الْحُكْمُ في المسألتَيْنِ الأخيرَتَيْنِ.

وحيث قال: القولُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ أَرَادَ ما إِذَا اتَّفَقَا علَى وقت [انقضاء العدة] (١)، وَاخَتَلَفَا في أَنَّه هَلْ عَادَ إِلَى الإسْلاَم، أو راجَعَ قبله؟ وكذلك الحكم في المسألة التي نحْنُ فيها، وقال آخرون: حيثُ قَالَ: القول قول الزوج؛ أرادَ ما إذا كَانَ هُوَ السَّابِقَ إِلَى الدَّعْوَى وَحَيث قَالَ: الْقَولُ قَوْلُهَا؛ أَرَادَ مَا إِذَا كانت هي السَّابِقَةَ، ويُحْكَى هذا عن ابنِ سُرَيْجٍ وَأَبِي إسْحَاقَ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، أنه لا يجيء على الْمَذْهَبِ غيره، ووجَّهوا هذا التفصيل من وَجْهَينِ:

أَحَدُهُمَا: أنَّها إذا قالَتْ أولاً: انْقَضَت عِدَّتي، فَلاَ بُدَّ من تَصْدِيقها، فَإِنَّهَا مؤتمَنَةٌ في رَحِمِها، فإذا صدَّقْناها، لم يُلْتفتْ إِلَى مجرَّد دعْوَى الإِسْلام، والرجْعة بعد الَحكم بانقضاء العدَّة، وإذا قال الزَّوْجُ أولاً: أسلمْتُ قبل انقضاء العدَة أو راجَعْتُ، فنصدِّقه ونديم النكاح بينهما ظاهراً؛ لأن الأصل بقاءُ العدَّة، فمجرَّد دعواها بعْدَ ذلك لا يُغيِّر الْحُكْمَ.

والثاني: وبه قَالَ أبُو سَعْدٍ الْمُتَوَلِّي: أن من أَقَرَّ بشيْءٍ، يُجْعَل كأنه أنشأه حينئذٍ، وكذلك يُشْترطُ في قَبُولِ الإِقْرَارِ كونُهُ أهلاً للإنْشَاء، فَقْولُ الزَّوْج أولاً: أسلَمْتُ، كأنه


(١) في ز: الإِسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>