للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَهُمَا؛ لاتفاقهما على تعاقُب الإِسلامِ قبل الدخول، ثم إنْ كَانَ ذلك قبل قبْضِ الصَّدَاقِ، لم تتمكَّنْ من طلبة؛ لاحتمال أنَّهَا السَّابِقَةُ وإن كان بَعْدَ الْقَبْضِ، لم يتمكَّنِ الزوج إلاَّ من اسْتِرْدَادِ الشَّطْرِ؛ لاحْتِمَالِ أَنَّهُ السابقُ، والنِّصْفُ الآخر يُقَرُّ في يدها إلى أن يتبيَّن الحال، ولو اختلفا في بقاء النِّكَاح، فقال الزوج: أسلمْنَا معاً، فالنكاح بَاقٍ وقالت: بل أسْلَمْنا على التعاقُبِ ولا نكاح، فقولان:

أصحهما: على ما ذكره القاضي ابْنُ كَجٍّ، وَصَاحِبُ "التَّهْذِيبِ": أن القول قَولُ الزَّوجِ، لأَنَّ الأصل بَقَاءُ النِّكَاحِ، وهذا ما اختاره المُزَنِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ.

والثاني: أن القوْلَ قولها؛ لأن الظاهر (١) مَعَها، فإنَّ وقوع الإِسلامين معاً بعيدٌ نادرٌ ومِنْ هذه المسْأَلة، استُنْبِطَ حدُّ المدَّعِي والمدَّعَى عليه، والمسألة وكيفية الاستنباط يأتيان بالشرح في كتاب "الدعاوى"، إن شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وإن قلنا: إنَّ القولَ قولُها فَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْفَرَج الزاز: أنه يُنْظَر في كيفية دعْوَاها، إن قالَتْ للزوج: أسْلَمْتَ قبْلِي، حَلَفَتْ على الْبَتِّ؛ أنَّهِا ما أسلمت يوم إسلامه ولو قالت: أسلمْتُ قَبْلَكَ، حَلَفَتْ علَى نفي العلم بإسلامه يوم إِسْلاَمِهَا، ولو اختلفا على العكْسِ، فقالت: أسلَمْنَا معاً وقال: بَلْ عَلَى التَّعَاقُب، فلا نِكَاحَ لقوله، وهي تدَّعي نِصْفَ الْمَهْر، وفي المصدَّق منهما القولان، ولو قالا: لا نَدْرِي؛ أوَقَعَ إسلامُنا معاً أمْ على التعاقُبِ أَسْتَمَرَّ النِّكَاحُ بينهما.

ولو أَسْلَمَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الزَّوجُ، وأخْتَلَفَا، فادعى الزَّوجُ أَنَّ إسْلامَهُ سبق انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ، وَادَّعَتْ هي أن انقضاءَ العدَّة سبق إسلامه، فهذا يفْرضَ على وُجُوهٍ:

أحدها: أن يتفقا علَى وقْتِ انقضاء العدَّة [كغُرَّة] (٢) رَمَضَانَ مَثَلاً.

وَقَالَ الزَّوجُ أسلمْتُ في شَعْبَانَ، وقالتْ: بَلْ في الْخَامِسِ من رَمَضَانَ، فالقولُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يمينها؛ لأنَّهما اتَّفَقَا عَلَى وقْت انقضاء العدَّة، والاختلافُ في تَقَدُّم الإِسْلاَمِ وتَأخُّر، والأصل بَقَاءُ الْكُفْرِ.

والثاني: أن يَتَّفِقا علَى وقْت الإسْلاَم كغرة رمضان.

وَقَالَ الزَّوُج: انقضتْ عِدَّتُكِ في الخامِسِ من رمضان.

وَقَالَتْ: بَلْ في شَعْبَانَ، فالقوْلُ قولُهُ مع يمينه؛ لأَنَّ وقْت الإِسلام مُتَّفَقٌ عليه، والْخِلاَفُ في أَن الْعِدَّةَ، هل انقضت قبله والأصلُ بَقَاؤُهَا.


(١) ما رجحه المصنف هنا مخالف لما في المحرر والمنهاج في باب الدعاوى من اقتضائه ترجيح الثاني.
(٢) في ز: كعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>